رواية دوائي الضرير الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر حصريه وجديده
رواية دوائي الضرير الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر حصريه وجديده
أكل الفضول عقل هدى و قلبها على حد سواء عن حالة سارة و كيف وصل بها المآل إلى تلك الحالة.. و أيضاً كانت تطوق و بشدة لمعرفة سبب تشبيه سارة نفسها بها..
فهل بالفعل قصتيهما متشابهتين أم أنها تقول ذلك فقط حتى تسترعي إنتباه هدى لتتقبل العلاج..
ظل تفكيرها في حركة مستمرة حتى لم تستطع ان تكتم فضولها اكثر من ذلك فسألتها بشكل صريح ..
هدى: سارة هو انتي ازاي فقدتي عنيكي..؟؟
سارة(بسعادة لأنها هي من تريد أن تعلم): دة موضوع كبير اوي و حكاية طويلة اوي اوي.. مستعدة تسمعيها؟؟!
عادت سارة و جلست أمامها على أحد الكراسي حتى تقص لها حكايتها...
سارة: يعني انتي فاضية و ناوية تسمعيني؟؟
هدى: ايوة.
سارة: بس على فكرة.. دي هاتبقى اخر مرة اتكلم فيها انا.. بعد كدة هاسمع انا و انتي تتكلمي... اتفقنا.
هدى(بخجل بعد ما عرفت معدنها الجميل): اوعدك اني هاحاول ..
سارة(ابتسمت بود): و انا راضية بالوعد دة مؤقتا.. ها يا ستي عايزة تعرفي ايه؟
هدى: ازاي حصلتلك الحاډثة..
سارة:حاضر يا ستي... دة بقى كان اسعد يوم في حياتي
هدى(بدهشة): اسعد يوم في حياتك يوم الحاډثة اللي خرجتي منها مابتشوفيش؟؟ ازاي بقى؟
شوفي يا ستي.. يومها كان نتيجة البكالوريوس بتاعتي.. صحيت بدري او تقدري تقولي اني أصلا ماقدرتش انام.. جهزت و روحت الجامعة عرفت اني نجحت في آخر سنة ليا في الكلية و خلاص هابتدي اجهز الماستر و الماچيستير بقى.. و خلال سنة كمان تدريب هاخد رخصة مزاولة مهنة الطب نفسي و دي مش حاجة سهلة ولا بسيطة ابدا.. بالعكس حاجة صعبة جدا.
المهم اني كنت طايرة من السعادة وقتها أني اخيرا خلصت اهم خطوة في مشوار مستقبلي..
هدى: و بعدين؟؟
جه أتقدم لبابا و عملنا حفلة خطوبة صغننة كدة على الضيق لحد ما ننزل كلنا مصر و يجيب أهله و يجي يتقدملي تاني و نبقى تتجوز.
يومها خرجت من الكلية علي بيته.
هدى(بتعجب): يا خبر.. بيته مرة واحدة؟؟
سارة: لا يا هدى ماتفهمنيش غلط.. انا عمري ما روحتله البيت لوحدي.. و لو رحت لوحدي كنت برن عليه و هو ينزلي..
سارة: ايه دة.. فعلا.. انتي عرفتي منين؟؟ دة انتي طلعتي سوسة اهو و مش سهلة.
هدى: اممممم... و المرة دي بقى ما صدق انك طلعتيله فراح سقاكي حاجة اصفرة و.....
سارة(قاطعتها بضحك): ههههههههه... حيلك حيلك.. إيه انتي قلبتيها فيلم ابيض و اسود لية كدة.. لا طبعا مش دة اللي حصل..
هدى: انا اسفة.. بس حاسة أن الموضوع يعني.....
سارة: لا يا ست كرومبو مش هو دة اللي حصل..
هدى(بفضول): طيب اومال ايه.. ايه اللي حصل... قولي يا ستي و أنا هاسكت خالص اهو.
سارة: ايوة كدة اسكتي و سيبيني أكمل.. المهم.. انا روحتله البيت فعلا و رنيت عليه بس ماردش.. مرة و اتنين و تلاتة و مافيش فايدة.. ماردش خالص.
كنت هامشي لكن لمحت الموتوسيكل راكن قدام البيت في مكانه عادي.. فقلت أنه اكيد فوق.. ماهو مش بيخرج ابدا من غير الموتوسيكل بتاعه.. رنيت تاني برضه ماردش.. قلقت..
خۏفت يكون تعبان ولا حاجة.. خصوصا انه قبلها بيوم ماقابلنيش عشان قالي أنه كان عنده برد.
باب العمارة مابيفتحش الا بمفتاح و المفتاح طبعا مع السكان بس.. ففضلت واقفة جنب باب العمارة برن عليه لحد ما واحد من السكان كان خارج فدخلت انا وراه بسرعة..
دخلت و طلعت لحد الشقة بتاعته و خبطت و بردة مافيش رد.. خبطت شوية و لما مالقيتش رد افتكرت أنه دايما بيسيب نسخة احتياطية للمفتاح في الزرعة اللي عند الباب.
كسا الحزن وجهها لمجرد الذكرى هدئت نبرة صوتها بعد أن تغلفت بالحزن و لكنها أكملت على أي حال..
سارة: اخدت المفتاح و فتحت الباب و دخلت.. دخلت بالراحة خفت يكون تعبان و نايم و انا اقلقه.. بس الغريبة اني برضه مالقيتش حد.. مالقيتوش.
دورت عليه في المطبخ برضه مش موجود.. قلت يبقى اكيد خرج لمكان قريب و هايرجع كمان شوية.. قلت هامشي و ابقى أكلمه أو اجيله بعدين..
هدى: و بعدين.. أكيد الموضوع مش هايخلص هنا.
سارة: لا لسة.. ليه باقية.. روحت فعلا لحد الباب علشان امشي.. بس فجأة سمعت صوت غريب جاي من اوضة النوم..
بدأت ملامح الحزن ترتسم على وجهها أكثر و بشكل أوضح و ملأ صوتها الألم...
سارة: قربت بشويش خالص لقيت الصوت بيعلى و بيوضح اكتر..
قربت كمان شوية و فتحت الباب و اټصدمت من اللي شوفته..
هدى: ايه.. شوفتي ايه؟
سارة(ضحكت بتهكم و ألم): البيه المحترم.. خطيبي اللي المفروض كنا هاننزل مصر في خلال شهر عشان يجيب أهله و يتقدملي تاني و نتجوز.. معاه واحدة في اوضة النوم.
كان نايم مع واحدة و انا فاكراه تعبان و قلبي كان هايقف من قلقي عليه.. وقفت متسمرة مكاني.. حسيت اني اتشليت من المنظر..
شعرت انها أخطأت في اللفظ فاعتذرت بلطف...
سارة: اسقة يا هدى مش قصدي..
هدى: لا عادي ماحصلش حاجة.
سارة: فضلت واقفة مش عارفة اعمل إيه... و كنت بسأل نفسي هو اللي انا شايفاه دة صحيح و حقيقي ولا كابوس و هاصحى منه دلوقتي..
عقلي وقف عن التفكير و انا مش عارفة اعمل إيه لحد ما هو خد باله اني واقفة.. قام وقف بسرعة و حاول يتكلم معايا.. بس انا كنت فوقت من صدمتي و رجليا حسيتها اتحركت لوحدها و جريت بيا..
فضلت اجري خرجت من الاوضة و من الشقة كلها و اخدت السلم في نفس واحد و لقيت نفسي في الشارع بنهج بسرعة كأني في سبق.
وقفت في الشارع مش عارفة اعمل ايه ولا اروح فين ولا عارفة افكر خالص.. ماعرفش وقفت هناك قد ايه.. فضلت في حالة التوهان دي لحد ما سمعته بينادي عليا بصتله لقيته بيقرب و قبل ما يوصلي كنت جريت و للاسف ماشوفتش العربية اللي كانت جاية قدامي.
و فجأة الدنيا ضلمت و لحد دلوقتي مانورتش تاني.
صمتت هدى كي تحاول استيعاب مأساة سارة فهي لا تختلف كثيراً عما حدث لها.. حاډث انتهى بعاهة.. و لكن قصة سارة أصعب و اقوى بكثير.
فتأكدت هدى و قټلها من حديث سارة ان هناك ما هو أكبر و اقسى و اقوى من قصتها.. فاردفت سارة....
سارة: عرفتي بقى إن حكايتي اصعب من حكايتك..
هدى: أصعب ازاي بقى.. دة حتى أحنا الاتنين ضحاېا حوادث السيارات.
سارة(ضحكت بمرح): ههههههههه.. انا اقولك يا ستي أصعب ازاي.. انا خطيبي او اللي كان خطيبي يعني كان هو السبب في اللي انا فيه.. هو اللي وصلني لكدة.. لو ماكنش خانني ماكنتش اټصدمت فيه كدة و ماكنتش جريت من غير ما اخد بالي و خبطتني العربية..
انما انتي حبيبك سابك لما تعبتي و دي مش حاجة وحشة على فكرة.
هدى: ازاي بقى مش حاجة وحشة؟؟ هو في اوحش من كدة؟ ان خطيبي اللي هو الراجل اللي المفروض أكمل معاه حياتي سابني في اول مشكلة تقف قدامي.. سابني في اكتر وقت انا كنت محتجاله و محتاجة دعمه..
أكيد مافيش اوحش من كدة.
سارة: لا طبعا كل دة مش حاجة وحشة.. هو كان قدامه مسؤلية كبيرة اوي أنه يقف جنبك و يتحملك و يفضل معاكي لحد ما تخفي.. و هو عارف نفسه جبان و ضعيف و عشان كدة هرب.
هرب و سابك لحد يكون أقوى منه و اشجع منه.. حد يستاهل أنه يكون معاكي.. صحيح الحد دة لسة ماظهرش بس اكيد هايظهر و هايعوضك عن كل حاجة..
طلع مش راجل قد مسئولية جواز و علاقة متينة و المفروض أنها تكون قوية زي الجواز.
و بعدين خلينا نفترض ان الحاډثة دي حصلتلك بعد ما كنتو اتجوزتو.. تفتكري كان هايكمل معاكي ولا كان هايجيبك هنا لبيت ابوكي و يقوله سوري بنتكم باظت من الاستعمال و عايز ارجعها.
و ساعتها كنتي هاتبقى مطلقة و يمكن معاكي عيل ولا اتنين كمان.
هدى: تفتكري؟؟
سارة: طبعا.. و بعدين دة سابك بعد الحاډثة مش احسن من اللي كان هو السبب فيها زي حالاتي..
هدى: معاكي حق.. طيب و بعدين ايه اللي حصل؟؟
سارة(تنهدت بملل لما حدث بعد ذلك): ولا حاجة.. لما فوقت في المستشفى ماكنتش شايفة حاجة خالص.. الدكاترة قالو أن في تجمع دموي في المخ و ضاغط على عصب الأبصار عندي.. باخد أدوية عشان التجمع دة يتفك أو يتحرك لكن لسة ربنا ما أردش.
هدى: و خطيبك.. سابك؟؟
سارة(ضحكت بتهكم): سابني؟؟ ياريت... كنت ارتحت.. المشكلة أنه البجح ماكنش عايز يسيبني...جالي المستشفى و عمل فيها الحمل الوديع و أنه يا عيني مايعرفش اللي حصل دة حصل ازاي.. و لما حكيت لبابا و ماما و اخويا اللي حصل طبعا وافقوني جدا على قرار الانفصال.
بابا اتكلم معاه و آسر اخويا و اټخانق معاه طبعا في الاخر لما لقينا كلنا مش طايقينه... اخيرا خرج من حياتي.. بس يا ستي هي دي حكايتي.
هدى: طيب و انتي ازاي اتأقلمتي يعني.. مع..
لم تستطيع ان تكمل جملتها مراعاة لشعور سارة...
سارة(اكملت بهدوء): قصدك عنيا يعني.. الموضوع ماكنش سهل ابدا يا هدى صدقيني.. انا لما فوقت كنت فاقدة الامل في كل حاجة يمكن اكتر منك كمان..
بس لقيت معايا بابا و ماما.. كانو جنبي و ماسابونيش لحظة و كمان آسر اخويا.. حبيبي كان بيفضل جنبي في المستشفى مش بيروح خالص.. ماسابنيش ساعة واحدة حتى عشان ياخد دوش ولا يغير هدومه..
كانت ماما بتجييله هدومه المستشفى يغير و احنا هناك..
فضلو جنبي لحد ما خرجت من المستشفى و دخلت معهد تأهيلي.. زي مصحة نفسية كدة.. و برضه كانو جنبي..
صدقيني يا هدى انتي ماينفعش تضعفي و في حواليكي ناس بتحبك و واقفة جنبك كدة.. ناس مستعدة انها تعمل اي حاجة عشانك يا هدهد.
لم تُعلق هدى ولا حتى على لقب دلالها الجديد من سارة.. و لم تحاول سارة قطع أفكارها التي تعلم أنها تعصف بذهنها الان.. حتى قطع هذا الصمت طرقات خفيفة على الباب تبعه دخول فاطمة...
فاطمة: ست سارة.. الست هنية بتجولك الفطور چاهز..
سارة(بفرحة طفولية): ايه دة بجد الفطير جهز..
فاطمة: ايوة و سخن و يفتح النفس و معاه عسل و جبنة و قشطة و كل اللي تحبيه.
سارة: لا كفاية يا فطومة كفاية جريتي ريقي.. ياللا نطلع.. انا هاسيبك يا هدهود بقى احسن الا فطير ماما هنية ماينفعش اتاخر عليه.. سلام
تركتها لدوامة أفكارها و خرجت و لكن تركت لها جملة واحدة...
سارة: ماينفعش تضعفي و في حواليكي ناس بتحبك و واقفة جنبك كدة.
ظلت تفكر و تفكر و تفكر حتى توصلت لقرارها اخيراً...
=================================
أما على طاولة الإفطار...
جلس الجميع معا وسط ضحكاتهم من سارة و مزاحها.. حتى عاصم كان يبتسم من حين لأخر و لكنه لم يتخلى عن تحفظه و تحفزه...
عبد الرحمن (و هو يضحك): ههههههههه لا لا... كفاية بقى يا سارة مانيش جادر.. ههههههههه
سارة: و انا مالي بس يا حاج عبده و انا قلتلك اضحك.
عاصم(بدهشة): تاني عبده؟؟
سارة(ببساطة): ايون.. ولا ايه يا حاج عبده..
عبد الرحمن: انتي تجولي اللي يعجبك..
سارة: هو دة الكلام.. مالكش دعوة انت بقى يا استاذ عاصم لو سمحت.
كاد أن ينفجر من الغيظ و لكنه صمت عندما رآى والداه يضحكان من قلبهما لأول مرة منذ حاډثة هدى و قبلها طلاقه هو من زوجته و ابنة عمه عبير...
عبد الرحمن: لا لا... اني ماهجعدش اكل معاكي على سفرة واحدة تاني واصل.
سارة: يا خبر أبيض.. ليه بس؟؟
عبد الرحمن: مابعرفش اكل من كتر الضحك.. ههههههههه.. حرام عليكي.
هنية: ههههههههه... ايوة يا سارة اصل ابوكي الحاچ كان يتعشي و يشرب الشاي و يطلع الاوضة على النوم طوالي..
بس من يوم ما چيتي و خلتيه يضحك اكده مابجاش يأكل زين و جبل ما ينام ينزلني مخصوص اجيبله لجمة يتصبر بيها ولا فاكهة ولا ايه حاچة ياكلها..
و اني بصراحة بجى رچليا بتوچعني مابجتش جادرة اطلع و انزل..
سارة: طيب بس ماتقوليش كدة قدامه احسن يقول دي عجزت و يجيبلك ضرة..
هنية(شهقت بمرح): و هو يجدر ده انا كنت عبيتهاله في اكياس..
سارة: الله عليك يا هنون يا مسيطر انت.
هنية(ضحكت بخجل و قالت بحزم مزيف): اتحشمي يا بت عيب كدة.
سارة: الله.. و انا قلت حاجة طيب.
ضحك الجميع و لكن عبد الرحمن لاحظ اخيرا إبتسامة ولده عاصم و التي لم يراها منذ زمن طويل.. مما شرح صدره أكثر و دعى ربه في قلبه أن يكمل فرحهم بشفاء هدى...
و لكن على حين غرة صمتت ضحكات الجميع حين رأوا هدى تتجه إليهم على كرسيها المدولب تنظر لهم بحرج و خجل لينظر لها ثلاثتهم باهتمام..
سارة: ايه يا جماعة سكتو ليه فجأة كدة؟؟
هنية: تعالى يا بتي.. تعالي هدى.. عايزة حاچة يا نضري؟؟
سارة: هدى.. انتي خرجتي.. في حاجة ولا ايه؟
هنية: أصلها بجالها كتير ماخرچتش لوحديها من أوضتها... تعالى يابتي.. تعالى.. عايزة ايه قولي.
هدى(بحرج): اصل.. اصل سارة قالتلي انك عاملة فطير النهاردة.. و انا بقالي كتير ماكلتوش... فقلت اطلع افطر معاكم النهاردة.
قامت هنية من مكانها و احتضنت ابنتها بحب و هي تقول بفرحة...
هنية: يا الف نهار ابيض.. انا لو كنت أعرف أن الفطير هايخليكي تاچي تأكلي معانا كنت عملتهولك من زمان.. تعالى تعالى يا نن عين امك..
غمرت السعادة قلوب الجميع و قام الحاج عبد الرحمن و عاصم أيضا ليرحبو بها بينهم و نظر الجميع لسارة نظرة احترام و امتنان لأنها هي الوحيدة التي استطاعت أن تُخرج هدي من قوقعتها....
لم تلاحظ سارة هذه النظرات بالطبع و لكنها أصرت على جعل هذا الفطور فطور مميز.. حتى لا ټندم هدى على خروجها لهم..
فأكملت حديثها الممتع الشيق الخفيف.. فقد كان الجميع يضحك و يتسامر في جو لطيف و مرح و سعيد.. حتى أنهم رأوا إبتسامة هدى التي كانت تتسع شيئا فشيئا.. حتى انها حتى ضحكت بخفوت أيضاً مما زاد فرحتهم بها.
=================================
إيه رأيكم.. شايفين ان سارة نجحت حتى لو يقدر صغير انها تغير شوية من هدى ولا خروج هدى للفطار معاهم دة حاجة عادية..
و ياترى عاصم هايبتدي يتعامل كويس مع سارة ولا هايفضل يقاوح قلبه .
الفصل السابع..
مرت عدة أيام أخرى توطدت فيها علاقة عاصم و سارة و لم يعد عاصم يفكر كثيرا بشكل علاقته بها او بشكل مشاعره نحوها..
فقد اتخذ قراره بأن يترك كل شئ للأيام.. او يمكن ان يكون قلبه لم يريد عقله بأن يفكر في ذلك الأمر حتى يستمتع و لو قليلاً بحديثها و ضحكتها و تلك المشاعر التي يختبرها لأول مرة.
و في نفس الوقت قررت سارة ان تستغل خطوة هدى الكبيرة و أنها خرجت بنفسها دون عناء أحد معها لتناول طعامها مع عائلتها.. ففضلت أن تطرق الحديد و هو ساخن..
طلبت من عاصم أن تتحدث معه على إنفراد في أمر هام.. شرحت له خطتها و خطوات تنفيذها و لكن عاصم كالعادة عارضها في باديء الامر خوفاً على هدى من تلك الخطوة الهامة....
عاصم(معترضاً): لا طبعا.. ايه اللي انتي عاتجوليه ديه؟؟ اني مش ممكن اعمل في اختي اكده واصل.
سارة: تعمل ايه؟؟ هو انا قلتلك .. و بعدين ممكن تتكلم عادي عشان اعرف اتفاهم معاك.
عاصم: حاضر يا ستي هاتكلم بحراوي.. و ماتغيريش الموضوع لو سمحتي.. يعني هي حركة زي اللي انتي بتقولي عليها دي مش هاتضايقها.
سارة: لا طبعا هاتضايقها.. و هو دة المطلوب.
عاصم(ضارباً كفيه ببعضهما بدهشة): و الله العظيم انا ما عارف اقولك ايه؟؟ يعني انتي عارفة أن حركة زي دي هاتضايقها و تزعلها و عايزاني اعملها.
سارة: ممكن بس تهدى شوية و تسمعني للأخر؟؟
زفر عاصم أنفاسه الحاړقة التي وصلت لسارة.. أنفاسه التي كادت أن ټحرقها برغم أن المسافة بينهما تتخطى المتر أو اكثر..
عاصم(مستغفراً): قولي.
سارة: عڼيف اوي حضرة العمدة.
كبح عاصم ابتسامته بصعوبة فاردفت هي...
سارة: ياعم اضحك قبل ما الضحك يغلى.. ماتكتمش الضحك غلط على صحتك.
عاصم(ابتسم بشغف): و عرفتي منين بقى اني ضحكت.
سارة: قلبي دليلي..
عاصم(مقهقهاً): ههههههههه.. قلبك مرة واحدة؟؟
سارة: ايوة و بعدين هو انا حد ممكن يقعد معايا و مايضحكش.
عاصم: لا طبعا.. خلينا في المهم.. ممكن تفهميني بقى ايه قصدك من الحركة اللي انتي عايزاني اعملها في هدى دي؟؟
سارة: حاضر يا سيدي.. اسمع...
هدى زي ما قولتلك قبل كدة معتمدة بشكل كامل على حبكم ليها و انكو بتعملوا ليها كل اللي هيا عايزاه.. فاحنا لازم نخليها تعتمد على نفسها اكتر.
عاصم: تمام.. و احنا عملنا كدة فعلاً.. ولا انتي شايفة ايه؟؟
سارة: ايوة انتو عملتو كدة فعلاً.. بس كمان لازم نكمل.. هدى إنسانة حساسة و رقيقة.. يمكن سبب في وحدتها و العزلة اللي كانت فيها هو أنها تخفف عليكم.. كانت شايفة أنها لما تحبس نفسها في اوضتها و جوة الكرسي بتاعها أنها بتخفف عنكم ۏجع انكم تشوفوها و هي بتتعالج و تتوجع هي كمان.
او انكم تشفقو عليها من اللي هي فيه و كمان تخفف من طلباتها و مساعدتكم ليها.
و احنا لازم نستغل النقطة دي.
عاصم: ازاي؟؟
سارة(بتعقل): انا اقولك.. تخيل معايا كدة أننا نفذنا خطتنا.
عاصم: خطتنا.. هو انا ليه حاسس أننا هانسرق بنك.
سارة: لا خلي موضوع البنك دة بعدين.. لما هدى تخف كدة عشان تطلع معانا الطلعة دي..
عاصم(ضاحكاً بشدة): ههههههههه.. دة انتي مشكلة.
سارة(برقة): و ياترى مشكلة حلوة ولا مزعجة..
عاصم(بعشق خالص و كأنه يحدث نفسه و لم يلاحظ ان صوته وصل الى أذنيها): احلى مشكلة مرت عليا في حياتي.
سارة(تنحنحت بخجل): آآ... خلينا في هدى.
عاصم(تنحنح ليجلي صوته هو أيضاً بإحراج): اه.. اه خلينا في هدى.. كملي خطتك يا زعيمة.
سارة: احمم.. ماشي... تخيل كدة أن احنا نفذنا خطتنا.. تخيل كدة معايا موقف هدى هايبقى ايه و هي مش قادرة تخرج من اوضتها عشان تاكل معاكم زي ما بقت تعمل.. أي حركة ليها برة الاوضة هاتبقى محتجالك عشان تشيلها تنزلها السلم و تطلعها..
و حد ينزل لها الكرسي بتاعها و يطلعه.. غير أن انا شخصيا لما اجي اقعد معاها هابقى محتاجة حد يطلعني و ينزلني برضه...
تفتكر واحدة في رقة هدى و طيبتها هاتستحمل تتعب كل الناس اللي حواليها بالشكل دة قد ايه...
عاصم(بعد تفكير): طيب و افرضي الموضوع جه بنتيجة عكسية..
سارة: ازاي يعني؟؟
عاصم: يعني بدل ما تتحدى نفسها عشان تقف على رجليها تقرر أنها ترجع تاني لعزلتها في أوضتها عشان ماتتعبش حد..
سارة: ماعتقدش.
عاصم: ليه بقى؟
سارة: عشان هايصعب عليها التقدم اللي هي وصلت له و التغيير اللي هي عملته.. و برضه هافرض معاك ان دة حصل.. ساعتها بقى هابقى أقنعها أن دة مش صح.. عشان مش لمجرد أن أوضتها فيها شوية تصليحات يبقى خلاص نهد كل اللي احنا بنيناه و عملناه لمجرد أنها هاتقعد في اوضة تانية كان يوم.
و كمان هايصعب عليها الفرحة و السعادة اللي بقت تشوفها في عيونك انت و ماما هنية و الحاج عبده.
عاصم(حك ذقنه بانامله بتفكير): اممممم.. هافكر..
سارة: خلاص اتفقنا.. هاتنفذ امتى..
عاصم(بسرعة): إيه هو دة.. بقولك هافكر لسة هافكر...
سارة(بضحك): ما انت هاتفكر و هاتقتنع انا عارفة.
عاصم: يا سلام على الثقة .
سارة(رفعت ياقتها الوهمية): طبعا.. دي اقل حاجة عندي.
عاصم: متواضعة تواضع يودي في داهية.. بس بقولك إيه صحيح مش هاتقولي لابويا و امي...
سارة: لا طبعا.. اوعى..
عاصم: ليه؟؟
سارة: الاتنين مش هايعرفو يخبو الحقيقة عنها.. انا عايزة الموضوع يبان طبيعي للكل.
عاصم: و اشمعنى اخترتيني انا.
سارة: عشان انت بتعرف تخبي كويس.
عاصم: يا سلام.. مين قالك كدة.
سارة(بهدوء ما جعله يشعر أن عيناها الضريرة قد نقذت غير ضلوعه لتطلع على قلبه): احساسي.. احساسي و قلبي اللي عمرهم ما كدبو عليا.. بيقولو أن جواك حاجات كتير اوي و انت مش عايز تحكيها.. و مخبيها كويس اوي.
ظل ينظر لها و لعيونها التي تنظر بعيداً رغماً عنها.. و لكن في داخلها كانت تتمنى أن يعود لها نظرها فقط في تلك اللحظة حتى ترى ما بعينيه من مشاعر هي متأكدة تمام التأكيد أنها بداخله.
كانت متأكدة من أنه ينظر لها في تلك اللحظة.. كانت تشعر بذبذات الحب تخرج من عينيه تتجه مباشرة لقلبها... ففاجئته بسؤالها..
سارة: هاتفضل تبصلي كدة كتير؟؟
عاصم: و عرفتي منين اني ببصلك؟؟
سارة(قالت بهمس هادئ): اللي بيخرج من القلب بيوصل القلب .
لم يحد بنظره بعيدا سوى على صوت زوجة عمه و حماته السابقة السيدة صالحة بصحبة ابنتها عبير زوجة عاصم السابقة.. و اللتان كانتا في زيارة لمنزل الحاج عبد الرحمن حتى يطمئنا على هدى و على حالتها الصحية كما تفعلان كل فترة كبيرة كمجرد واجب ثقيل على الطرفين تؤديانه فقط إرضاءاً الحاج حامد عم عاصم...
صالحة: سالخير يا عاصم...
عاصم(وقف بتأفف بعد أن سمع صوتها): سالخير يا خالة.. كيف حالك؟؟
صالحة: زينة يا ولدي زينة.. انت كيف احوالك و ازيك و ازيك هدى و ام عاصم.
عاصم: كلهم بخير يا خالة..
صالحة: احنا كنا جايين اني و عبير عشان نطمنو على هدى.. اصل بجالنا كتير ماشوفنهاش.. فجولنا ناچي نطلو عليها..
عاصم(بترحاب بارد مثلهما مثل الأغراب): بيتكم و مطرحكم يا خالة صالحة..
صالحة: ايه.. ماعتسلمش على بت عمك ليه؟؟
عاصم(على مضد): كيفك يا عبير.. ازي احوالك؟؟
عبير: زينة يا واد عمي..
كانت صالحة تنظر لسارة بتفحص مريب.. لم تنظر سارة نحوهما بطبيعة الحال.. تعجبت هي و ابنتها من تلك القابعة دون حراك و دون حديث فسألت عاصم بإستفسار..
صالحة: الا هي مين دي يا عاصم؟؟
عاصم(بتردد خوفاً منهما عليها): دي.. دي الدكتورة سارة.. الدكتورة الچديدة بتاعة هدى.
صالحة: ايوة ايوة.. الضاكتورة النفساوية.. ايوة ايوة عرفتها.. ازيك يا ضاكتورة .
سارة(مدت يدها لهم و بالطبع في اتجاه بعيداً نسبياً): اهلا بيكي يا طنط..
صالحة: طنط.. ماشي.. و بعدين اني واقفة هنا..
ثم التقطت يدها بقوة لدرجة أن سارة كادت أن تقع من على كرسيها.. و تأوهت بصوت..
سارة: ااه...
عاصم: بالراحة يا خالة صالحة.. مش اكده.
صالحة: ماهي اللي ماهياش معتبراني.. بتمد يدها بعيد.. مش مستعنية أنها تسلم عليا.
عاصم: يا خالة مش أكده.. انتي مافهماش.
عبير: امال ازاي يا واد عمي.
سارة(بحرج): اصل يا جماعة انا بس.. عنيا يعني...
عبير(مقاطعة بدهشة): عامية؟؟
عاصم(پغضب): عبير..
عبير(بتجاهل تام لعاصم): عامية ماعاتنضريش ياختي.. صحيح ادي الحلج للي بلا ودان.
عاصم(پغضب بعد ان تأكد توقعه و خوفه عليها منهما): لمي لسانك يا عبير.
صالحة(بتجاهل لبركان عاصم الثائر): صُح؟؟ چايبين دكتورة عامية تداوي اختك المشلۏلة (ثم مصمصت شفتيها بتحسر أو پشماتة) حسرة عليكي يا هدى...
و هو ابوك مالجيش غير دكتورة عامية يچيبها لأختك.
شعرت سارة بالحرج و الخجل في آن واحد ففضلت الإنسحاب..
سارة(بحرج): طيب عن اذنكم.
عاصم: على فين يا سارة.. ماخلصناش كلامنا.
سارة: معلش نكمله بعدين و خليك دلوقتي مع ضيوفك.. عن اذنكم..
رحلت و تركتهم للهيب عاصم الغاضب الذي على وشك الإڼفجار في هاتين العقربتين اللتين لا يراعيا شعور أي أحد..
عاصم(نظر لهما پغضب و بلهجة مستعرة): اني عايز افهم ايه اللي انتو جولتوه ده.. في حد يجول اكدة؟؟
عبير: الله.. و انت مالك بيها.. محموجلها جوي أكده ليه؟؟
عاصم: عشان عندي ډم.. و المفروض نراعو شعور الناس.. مش نعرف فين وجعهم و ندوس عليه بچزمنا..
صالحة: حُصل خير يا عاصم.. و بعدين انت صحيح محموجلها جوي ليه اكده..
عاصم(بيأس): هاجول ايه بس.. مافيش فايدة فيكم.. عموما البيت بيتكم و امي چوة هي و هدى..
ثم تركهما و ذهب مسرعاً خلف تلك المچروحة حتى يخفف عنها.. أما هما فقد لاحظا اهتمامه بها و الذي من الواضح أنه إهتمام من نوع خاص ...
صالحة: انى الفار بيلعب في عبي يا بت يا عبير.. تفتكري في حاچة بيناتهم..
عبير: في ولا مافيش مش فارجة.. عاصم ليا اني لوحدي زي ما اتفجت معاكي جبل سابج.
صالحة: و دي هانعملوها كيف دي.. شكل البت واكلة عجله على الاخر.. مانتيش واعياله چري وراها كيف.. و انتي تبجي عبيطة لو سيبتي واحد زي عاصم و عزه و فلوسه تروح لحد غريب.. مش انتي أولى..
عبير: طبعا اني أولى.. و بكرة تشوفي.. بس الموضوع ماهيبجاش سهل.. احنا ايوة ادينا مطلقين بقالنا ياچي سنتين و شكلها كدة مافيش طريج للصلح..
صالحة: عشان انتي اللي طالبة الطلاج.. بس لو عايزة ترجعيه تاني هاترجعيه بإشارة منك.. بقاله سنتين مطلجك و ماتچوزش ولا فكر يعملها مرة واحدة حتى يبجى ماجدرش ينساكي..
و يبقى الطريج فاضي جدامك... اوعي تسيبيه تاني..
عبير: تفتكري ياما .
صالحة: امال ايه افتكر طبعا..
عبير(بمكر و خبث): تخافيش على بتك ياما.. وحياتك ماهاسيبه الا اما يرچع لي تاني.. سوا بخطره ولا ڠصب عنيه حتى.
صالحة: بجولك ايه.. احنا نخلصو زيارتنا و نروحو بيتنا و نفكرو في حل على رواجة..
ثم اتجهتا معا للداخل حتى يقابلا هنية و هدى التي لا تطيقهما نهائياً و التي كانت من المعارضين لهذه الزيجة و الوحيدة التي لم تخفي فرحتها لانفصال شقيقها عن ابنة عمها..
=================================
اما عاصم فاتجه مباشرة لسارة...
فقد اتجهت هي لمقصورتها و لا تعلم لماذا و لكنها وجدت دموعها تهطل على وجنتيها.. لما شعرت بچرح قلبها هذه المرة.. فهي قد اعتادت سماع هذه الكلمة الچارحة "عامية" سمعتها كثيراً..
و لكن ليس أمامه.. ليس و هي بصحبته.. فهي لم تكن تريد لأي شخص أن يعايرها بعاهتها أمامه.. كانت تريده أن يراها كاملة..
سمعت طرقاته على بابها.. فهي قد باتت تعلم طريقته في الطرق على بابها.. فله طريقة مميزة عن غيره.. مسحت دموعها و قامت لتفتح له..
سارة(بعد أن فتحت الباب): ايوة يا عاصم.. في حاجة؟؟
عاصم(و قد صعد إلي مقصورتها لاول مرة): ايه يا سارة.. انتي زعلتي منهم..
أعطته ظهرها و كذبت عندما قالت...
سارة: لا خالص و هازعل ليه.. هما ماقالوش غير الحقيقة.
عاصم: لا طبعا.. دي مش الحقيقة.. سارة بصيلي..
سارة(أغمضت عيناها پألم): ياريت.. ياريت اقدر ابصلك يا عاصم ياريت.
اقترب منها و امسك بذراعيها و أدارها لينظر لها و يفاجئ بعينيها الدامعة.. فهي قد تعمدت ألا تنظر له عندما فتحت الباب.. فقال بذهول..
عاصم: انتي بټعيطي يا سارة؟؟ للدرجة دي؟؟
سارة(بكت بصوت ملحوظ): ڠصب عني.. ڠصب عني مش قادرة أبطل عياط.. مش عارفة ليه.. اشمعنى المرة دي ماستحملتش الكلمة.. مع اني سمعتها كتير و كنت مفكرة إن مابقاش ليها تأثير عليا خلاص.. مش عارفة.. مش عارفة..
عاصم(و هو يمسح دموعها): طيب خلاص.. خلاص عشان خاطري... كفاية يا سارة عياط.. دموعك دي غالية عليا اوي..
سارة(و علا نشيجها بصوت قطع نياط قلبه): مش قادرة.. مش قادرة..
ثم حاولت كتم شهقاتها و لكنها فشلت مما ذاب البقية الباقية من قلبه.. فلم يشعر الا انه ضمھا بداخل صدره.. ظل يهدئها و يملس على شعرها بحنان و حب..
عاصم: سارة عشان خاطري اهدي.. كفاية عياط.. كفاية كدة.
سارة: انا اسفة.. اسفة انك شوفتني كدة...
أبعدها عاصم عن صدره قليلاً و قال بنبرة مرحة حتى يحاول أن يخرجها من حالة حزنها تلك..
عاصم: اشوف ايه بقى... ما كل شئ انكشفن و بان.
سارة(مسحت دموعها و سألته باهتمام): هو ايه دة اللي انكشف و بان؟؟
عاصم(إبتسم بحب حتى يخرجها من حالتها): أن شكلك بيبقى زي القمر و انتي بټعيطي.
ابتسمت هي رغما عنها و قالت له...
سارة: و دة وقته دة.. خضتني .
عاصم: سلامة قلبك من الخضة.. بقولك ايه... هو انا ممكن اطلب منك طلب.
سارة: طبعا ممكن.
عاصم: ممكن تخليكي هنا شوية.. ماتجيش ورايا.
سارة: لحد ما يمشو يعني..؟ طبعا.. كنت هتعمل كدة اصلا من غير ما تقول
عاصم: لا مش قصدي لحد ما يمشو.. بس انا لازم آدبهم على اللي عملوه دة.. و لو انتي جيتي مش هقدر اعمل حاجة..
سارة: عاصم لا بلاش.. ماحصلش حاجة لكل دة.. انا متعودة على كدة.. بس ماحبتش أن حد يقولي الكلمة دي قدامك انت بالذات..
عاصم(ابتسم بسعادة): و اشمعنى انا بالذات؟؟
سارة(بارتباك): ها... لا.. مش عشان حاجة معينة يعني.. بس ماحبتش كدة و خلاص.
عاصم(بإبتسامة عريضة): و انا ماحدش يهينك و اسكتله يا سارة.. انتي في بيتي.. بيت الحاج عبد الرحمن المنياوي عمدة البلد كلها.. و ماحدش يهين حد يخص عاصم المنياوي مهما حصل.. فاهمة.. بس خليكي هنا لحد ما ابعتلك فاطمة.. اتفقنا؟؟
سارة: حاضر.
هم أن يتركها و لكنها استوقفتني بسؤالها..
سارة: عاصم.
عاصم(الټفت لها و هو يقف على باب المقصورة): نعم.
سارة: هي دي تبقى عبير طليقتك؟
عاصم(إزدرد لعابه و قال بصعوبة): ايوة.
سارة: طيب.. طيب هو انت ممكن ترجعلها؟؟
عاصم(بنبرة قاطعة و دون تردد): مستحيل..
سارة(أرادت هي تأكيده): ابدا ابدا؟؟
عاصم(ابتسم بمكر): ابدا ابدا.. بس ليه بتسألي..
سارة(ابتسمت رغما عنها): ها.. لا مافيش بس مجرد سؤال..
عاصم: ماشي.. هاعديها دلوقتي انه مجرد سؤال و بعدين لينا كلام تاني.. عن إذنك دلوقتي..
خرج بالفعل و لكن لم يغلق الباب خلفه كلياً.. فقد حثه فضوله على أن يبقى قليلاً و يشاهدها لبضع ثوانٍ أخرى.. و بالفعل.. نظر لها عبر فتحة الباب الصغير ليجدها تقفز بسعادة و هي تقول..
سارة: مش هايرجعلها.. ابدا ابدا.. yes yes yes.
لم يستطع كبح ابتسامته ولا سعادة قلبه الذي يرقص على نغمات الحب.. فهي تحبه أيضاً.. اه كم يود أن يدخل لها و بل يأخذها و يهرب بعيداً عن أعين المتربصين...
بمناسبة المتربصين...
فقد شاهدته عبير عبر نافذة المنزل و هو يخرج من مقصورتها و يتجه الي داخل المنزل... فقد تابعت خط سيره منذ ان تركها هي و امها و دخل خلف سارة إلي المقصورة و ظلت تنتظره حتى خرج و أنه آت له..
أما هو..
فما أن خرج من مقصورة سارة حتى تحولت معالم وجهه من البسمة و الحب للتجهم و الڠضب الذي على وشك أن يفجره في وجه عبير و أمها.. لم تلاحظ عبير ذلك لأنه أصبح ذو وجه عابس مؤخراً بشكل عام.. فلم تتوقع البركان الذي على وشك الاندلاع..
و بداخل السرايا....
دخلت صالحة و ابنتها على أهل الدار لتجد هنية تجلس بصحبة هدى يأكلون بعض الفاكهة و هم يشاهدون التليفزيون..
دخلت صالحة بصوتها العالي و ضوضائها المعتادة..
صالحة: سلامو عليكم يا ام عاصم.
انتبهت لها هنية و وقفت لترحب بهما..
هنية: ام خالد... كيفك يا خيتي؟؟
صالحة: زينة يا ام عاصم.. زينة.. كيفك يا هدى يا بتي..
هدى(بملل فهي لا تحبها لا هي ولا عبير): الحمد لله يا طنط.. عاملة ايه؟
صالحة: برضيك ماعاتبطليش تجوليلي طنط دي.. جصره اني بخير طول ما انتي زينة.
هنية(لعبير): كيفك يا عبير.. عاملة ايه يابتي.
عبير: بخير يا مراة عم.. كيفك انتي و كيفك يا هدى.. عاملة ايه دلوق؟؟
هنية(تنهدت بحزن حتى تنجنب نظرات الحسد التي يمكن ان تودي بتقدم صحة ابنتها): اييييييييه.. كيف ما هي.. مافيش چديد والله يابتي.. ربنا يبعت الشفا من عنده.
هدى: لا يا ماما... انا كويسة و زي الفل و قريب اوي هاقف على رجليا تاني أن شاء الله.
هنية(بدعاء صادق): أن شاء الله يا بتي.. أن شاء الله.. اتفضلو يا چماعة انتو غرب محتاچين عزومة ولا إيه.. اتفضلو اتفضلو.
صالحة(بتهكم بعد ان جلست): ما انتو برضيك ياخيتي يعني المفروض تچيبولها حكيم زين..
هنية: والله يا صالحة ولا ليكي عليا حلفان.. احسن الحكما سوا هنا في سوهاچ ولا في مصر.. ولا واحد نافع..
صالحة: وااه.. امال مين اللي شوفتها جاعدة في الچنينة مع عاصم ولدك دي؟؟ هو مش جال عليها الضاكتورة بتاعة هدى يا بت يا عبير..
عبير: ايوة ياما.. جال أكده..
هدى: ايوة هي.. مش بس الدكتورة بتاعتي لا كمان بقت صاحبتي و اكتر من اختي كمان.
صالحة(معاتبة): و هو يعني الدكاترة كانو جطعو مالجيتوش غيرها الدكتورة العامية دي.. عامية يا ام عاصم.. كانش العشم يا هنية لا.. عامية؟؟
هدى(پغضب فهي قد بدأت تحب سارة و على الأقل سارة افضل من عبير و لن تعطيها فرصة الاستهزاء بها): هي مين دي اللي عامية.. ايه يا ام خالد الملافظ سعد..
عبير: في ايه يا هدى و هي امي كانت غلطت يعني.. ماهي عامية .
دخل عاصم و قد سمع اخر جملتين...
عاصم: ايوة غلطت.. و انتي كمان غلطتي.
صالحة: وااه.. غلطنا في إيه بجى عاد..
عاصم: ايوة غلطتو و غلطتو غلط واعر جوي.. لما تدخلو دوار الحاج عبد الرحمن المنياوي عمدة البلد و كبيرها و تهيني ضيفة فيه تبجو غلطتو.
لما تفضلو تتريجو و عليها و هي واقفة من غير ما تراعو شعورها تبجو غلطتو.. لما حتى ماتعملوش ليا اني اي اعتبار اني واجف و تفضلو تتمجلتو عليها و عليا و على ابوي اللي مالجاش غير الدكتورة العامية من وچهة نظركم عشان تعالچ بتنا تبجو غلطتو..
هنية(ضړبت على صدرها پصدمة): يا مري.. انتو جلتو الحديت ده جدام سارة.
عاصم: ايوة.. و سايبها في الكراڤان بتاعها مش مبطلة عياط.
هدى(بغيظ): صحيح.. الاحساس دة نعمة.
عبير: و هو كان ايه اللي حُصل يعني لكل دة؟؟ هي مش دي الحقيقة.. مش هي عامية ولا بنتبلو عليها.
عاصم: ياما في ناس كتير بتشوف بس عامية الجلب و البصيرة.
عبير: تجصد ايه يا واد عمي؟؟
عاصم: اجصد أن كلامك الدبش اللي كنتي بتحدفيني بيه زمان كنت بعديه.. مش عشان ماكنش بيأثر فيا.. لا كان بيأثر و بيوچع و جوي كمان.. بس استحملته و سكتت عشان عمي و عشانك انتي يا مراة عمي.. و طلجتك لما طلبتيها بلسانك.
بس اوعي يصورلك شيطانك انك ممكن توچعي ضيف من ضيوف بيتنا و تهينيه بحديتك الزفت ده و تفتكري أن اني ممكن اسكتلك فاهمة..
صالحة(في محاولة لتلطيف الجو): وااه يا عاصم انت لسة فاكر.. ده كان زمان.. مايبجاش جلبك اسود عاد.
عاصم: انا عمر جلبي ما كان اسود.. بس كمان عمره ما نسي اي حاچة.. لا حلو بيتنسى ولا عفش بيتنسى..
خلاصة الجول.. طالما دخلتو الدوار ده يا تحترمو اللي فيه يا ماتدخلوهوش من أصله.. بالإذن.
توجه إلي غرفته و ترك الجميع في ذهول..
فهدى كانت ترى شقيقها بهذه الثورة لأول مرة في حياتها.. لم تكن تتصور أنه بهذه القوة من قبل.. حسناً فهو قوي الجسد و الشخصية أيضاً و حاسم ولا يقدر على معارضته اي شخص.. و لكن هذه المرة كان كالۏحش الكاسر الذي على وشك افتراس أحد الحيوانات الذي هددت أبناءه..
و هنية أيضاً ظلت تتساءل اين ذهب إبنها الحنون الخلوق الذي يراعي شعور الجميع حتى من لا يستلطفهم.. لا ليس هذا بالتأكيد.. أكانت كل هذه الثورة لأن زوجة عمه و زوجته السابقة نعتتا سارة بالـ"عامية".. أيعقل أن يكون ما كانت تشك فيه من قبل حقيقة؟؟
اما صالحة و ابنتها فقد أصابتهما الدهشة الشديدة.. فهذا ليس عاصم الشخص الهادئ الخجول الذي يراعي شعور الجميع..
فقد تحول تماماً لشخص آخر.. أكانت كل هذه العاصفة من أجل الضيفة الطبيبة؟؟ لا فبالتأكيد هناك شيئاً بينهما.. و عند هذه الفكرة قررت عبير خوض تلك الحړب ضد تلك الطبيبة.. فعاصم لها.. تزوجته و طلبت الطلاق و وافق هو و ستعيده لها مثل ما تركته.
صالحة: عاچبك أكده يا ام عاصم.
هنية: ايه بس اللي حصل يا صالحة عاد؟؟
صالحة: بجى ولدك يطردنا من بيته و تقوليلي اي اللي حُصل؟؟
هدى: زي ما عاصم قال.. لما تدخلو بيت لازم تحترمو اللي فيه يا ماتدخلوهوش اصلا .
هنية: هدى.. عيب أكده
هدى: و هو انا قلت حاجة.. مش عاصم اللي قال ولا مش قادرة عليه هاتتشطري عليا انا.
عبير(بغيظ منها فهي تعلم ان هدى لا تحبها و لكنها ستتحمل كل شئ مقابلة الوصول لمرادها): مجبولة منك يا بت عمي.. و عموما أحنا كمان لينا كبير يرد عليه و على كبيره.. ياللا ياما و لينا حديت تاني.
صالحة: بينا يابتي.
هنية: استني بس يا صالحة..
صالحة: فوتك بعافية يا ام عاصم.. احنا بس كنا چايين نطمنو على هدى.. و اطمنا عليها خلاص.. أما اللي حصل ده فكيف ما عبير جالت في رچالة يردو عليه.. فوتكم بعافية.
رحل العدوان الثنائي من المنزل مثل ما تسميهم هدى و عادت هنية لابنتها لتجدها تأكل الفاكهة بكل هدوء لا بل بكل برود.. فقالت هنية بتعجب..
هنية: شوف البت.. يابت بتاكلي أكده و كأن مافيش مصېبة حاصلة دلوق جدامك.
هدى(ببرود): و انا مالي انا ما سلفتك و بنتها هما اللي عايزين قطع لسانتهم.
هنية: اخ ياني منك.. هاتي تفاحة .
هدى(و هي تعطيها ثمرة البرتقال): لا كلي برتقان احلى.
هنية: اي حاچة منيكي حلوة.. تعالي في حضڼ امك هبابة بجى.
قبلتها هنية بحب و هي تحمد ربها على عودة ضحكتها مرة أخرى و تدعوه أن يكمل شفاؤها بخير..
أما عاصم فما أن أنهى حديثه معهم حتى انطلق بسرعة الصاروخ إلى غرفته ليظل يلهث بصعوبة و حدة و هو يتذكر عبير و حياته القصيرة معها...
فقد كانت حياتهما هادئة مستقرة في باديء الامر حتى تحولت لچحيم مستعر في النهاية.. فقد كانت تضايقه طوال الوقت.. تؤلمه بكلماتها الچارحة..
و في النهاية عندما طلبت الطلاق نفذه لها بدون نقاش.. فقد كان قد تعب و أرهقته حياته التعيسة مع فتاة لا تهتم بمشاعره.. لم تقف بجانبه في محنته بل كانت تعايره بها..
و تحمل كل شئ منها.. لكن عندما سممت سمع سارة بحديثها الخالي تمام من أي مشاعر أو إحساس لم يستطيع أن يمررها لها مرور الكرام..
إلا سارة.. لم يسمح لعبير أن ټجرح مشاعرها.. لم يسأل عن السبب فهو يعلمه منذ مدة..
فهو يحب سارة..
نعم يحبها.. يحب كل ما بها كل ما يتعلق بها..
شكلها..
عيونها..
شعرها..
صوتها و ضحكتها التي تثير بداخله كل مشاعر الحب التي اختبرها و لأول مرة معها... و معها هي فقط.
اما صالحة و عبير ما أن دخلا منزلهما ليجدا الحاج حامد زوجها فيقصا عليه ما حدث في منزل أخيه الذي بالطبع لم يعرف الحقيقة كاملة..
فقد ذكرتا فقط الجزء الخاص بطرد عاصم لهما و لم يذكرها الجزء الخاص بإهانة و چرح سارة و معايرتها بعاهتها..
و في الحال و دون أن يحاول أن يفكر في تبرير منطقي لتصرف إبن أخيه الطيب الخلوق لمثل هذا التصرف.. فقام بمهاتفة أخيه على الفور يشكو له فعلة ولده و يعاتبه عليها أما عبد الرحمن و الذي يثق في ولده و في قراره و حُسن تصرفه ثقة عمياء فقد قال..
عبد الرحمن: يا حامد ياخوي انت خابر عاصم زين.. دة انت اللي مربيه و عارف و متوكد أنه ماعيعملش حاچة عفشة اكدة..
حامد: يعني مرتي و بتي عايكدبو اياك؟؟
عبد الرحمن: لا طبعا ماجصدش أكده.. بس اني برضك لازمن اسمع من عاصم.. و ليك عليا يا حامد لو طلع حديت عبير و ام عبير صُح لاچيبه لحديت عنديكم عشان يستسمحكم كلكم..
و اغلق الهاتف معه على ذلك و اتجه لمنزله حتى يعلم ما حدث.. دخل إلى منزله و استقبلته زوجته مثل عادتها كل يوم و سألها عما حدث أثناء زيارة زوجة أخيه و ابنتها لهم..
حاولت هنية أن تقص الرواية بشكل لا يدين أحد الطرفين و لكن هدى لم تسكت فتحدثت سريعاً دفاعاً عن شقيقها و صديقتها الجديدة..
هدى: لا يا بابا مش دة اللي حصل.
هنية: يابت اكتمي انتي مالكيش صالح.
هدى(بعيون قططية ممازحة اشتاقها والدها كثيراً): يرضيك كدة يا بابتي ماما تقولي ماليش دعوة..
عبد الرحمن(ضاحكاً من كل قلبه لأول مرة منذ زمن بعيد على تلك الماكرة التي اشتاق مزاحها): هههههههه.. لا يا جلب ابوكي ماعيرضنيش واصل طبعاً.. طيب جوليلي انتي ايه اللي حُصل؟؟
هدى: اقولك يا سيدي..
قصت عليه ما حدث.. كان يجاهد في الانصات لها و لكن فرحته بها و بعودة البهجة لحديثها سرقته من معرفة تفاصيل الواقعة..
هدى: شوفت بقى يا سي بابا.. يبقى مين اللي غلطان؟
عبد الرحمن(و لانه لم يسمعها جيداً): انتي ايه رأيك... تفتكري مين الغلطان؟؟
هدي: عبير و أمها طبعاً.. لأن هما اللي زعلو سارة الاول.
عبد الرحمن: يبجى عبير و أمها هما اللي محجوجين لسارة.. طيب ايه رأيك.. عبال ما اطلع اتحدت هبابة مع اخوكي.. تحضريلنا العشا انتي و امك الجمر اللي واجفة غيرانة منينا دي..
هنية: واه واه واه.. غيرانة.. و اني هاغير منيها العيلة الصغيرة دي.. جال غيرانة جال.
هدى: معاك حق يا بابتي.. شكلها غيرانة فعلاً.
هنية: ماشي يا بت ابوكي.. جدامي ياختى على المطبخ نچهزو الوكل و نبعت البت فاطنة تنادي على سارة.. ياللا همي ورايا.
كان يعاملها الجميع كأنها تمشي بساقيها و ليست و كأنها على كرسي مدولب حسب توجيهات سارة.. فقد طلبت منهم أن يتوقفون عن معاملتها بطريقة خاصة حتى تشعر بأنها طبيعية و حتى ينمو لديها حس الاستقلالية..
توجه كل منهم لوجهته و صعد عبد الرحمن إلى غرفة ابنه ليجده يقف بشرفة غرفته يستمع لإحدى المقطوعات الموسيقية العالمية التى دائماً ما يستمع إليها عندما يريد أن يهدئ أعصابه..
اقترب منه دون أن يشعر و نظر حيث كان عاصم مثبتاً أنظاره فوجده ينظر إلى مقصورة سارة سارحاً في ملكوت آخر.. فربت على كتفه فانتبه له عاصم..
عاصم(بعد أن انتبه و الټفت لوالده): ابوي.. انت چيت مېته؟؟
عبد الرحمن: چيت من شوي بس انت اللي كانك مانتش معانا على الأرض الليلة دي(و نظر لمكان ما كان تائها منذ قليل).
عاصم(اتجه لداخل الغرفة حتى يهرب من تلميح والده): ماتواخذنيش يابوي بس ماسمعتكش.. كنت سرحان في مشكلة في الشغل بس.
عبد الرحمن(بمكر): مشكلة في الشغل برضيك.. ماشي بس كانها مشكله عويصة جوي.
عاصم(دون أن يشعر): هي من چيهة عويصة.. فهي عويصة جوي(ثم تراجع سريعاً) بس.. بس ماتخافش على ولدك يابوي.. اني افوت في الحديد.
عبد الرحمن(بثقة و دعم): عارف يا ولدي عارف.. ربنا يجويك.. و على العموم اني موچود برضيك لو احتاچت تتحدت معايا ولا تاخد رأيي في مشكلتك..
عاصم(اقترب و قبل كف والده): طبعا يابوي.. دة انت الخير و البركة هو اني اسوى حاچة من غيرك.
عبد الرحمن: ربنا يخليك يا ولدي.. المهم اني چايلك عشان اتحدت معاك في حاچة أكده.
عاصم(تنهد بتعب فهو يعلم ما هو مقبل عليه): عارف يابوي.. عارف.. اكيد عمي حامد كلمك في اللي حُصل النهاردة.
عبد الرحمن: سيبك من اللي جاله عمك ولا مراته ولا حتى اللي جالوه امك و هدى.. اني عايز اسمع منك انت.. تعالى اجعد چاري و احكيلي ايه اللي حُصل.
عاصم(بعد ان جلس بجانب والده على الفراش): يعني انت يرضيك يابوي يدخلو بيت الحاج عبد الرحمن المنياوي و يهينو ضيفة جاعدة فيه..
عبد الرحمن: لا طبعا ماعيرضنيش... و دي كمان ماهياش اي ضيفة.. دي الضاكتورة اللي بتعالچ اختك.. ولا ايه؟؟
شعر عاصم انه اصبح شفافاً و ان والده يرى ما بقلبه بكل سهولة فتلعثم قليلاً و هو يرد...
عاصم: ايوة.. ايوة طبعاً.. بس يابوي فاني عملت اللي انت كنت هاتعمله لو كنت موجود.
عبد الرحمن: و طردتهم؟؟
عاصم: لا يابوي ماحصولش و أسأل امي و هدى.. اني كل اللي جولته اللي ماعيحترمش ضيوف بيت الحاج عبد الرحمن يبقى مايدخلوش.
عبد الرحمن: و انت أكده ماطردتهمش يعني؟
عاصم: اللي تشوفه يابوي..
عبد الرحمن(بتراجع): بس كمان امك جالتلي أنك كنت بتزعق جامد و صوتك كان چايب اخر البلد..
عاصم(بحزن لما تذكر حالة سارة): يابوي انت اصلك ماشوفتش سارة كانت عاتبكي كيف.. كانت مجهورة... و اني مچرب جهرة المعايرة جبل اكدة..
مجرب لسان بت اخوك اللي كيف المبرد اللي ماعيحنش لحال حد.. و ماحبتش أن سارة تتوچع منها..
عبد الرحمن: خاېف عليها كد اكده يا عاصم؟؟
نظر له عاصم و لم يرد ففهم والده رده.. فربت على كتفه بدعم و حب..
عبد الرحمن: ربنا يعمل اللي فيه الخير يا ولدي.. عموما اني اكده فهمت كل حاچة و اني هاتحدت مع عمك و افهمه اللي حُصل و أن أهل بيته هما اللي غلطو في ضيوفنا الاول..
(ثم وقف ليخرج من الغرفة) المهم ياللا عشان نتعشو زمان امك و اختك هدى چهزو لنا العشا..
عاصم(و هب واقفا خلفه سريعاً): طيب و .. جصدي يعني و..
عبد الرحمن(بتفهم): بعت البت فاطنة تنادم عليها.. زمانها وصلت تحت..
عاصم(اقترب منه و قبل يده و رأسه): ربنا يخليك لينا يابوي و يبارك لنا في عمرك.
عبد الرحمن: و يكتبلك كل خير يا ولدي.
اتجه مع والده الي غرفة الطعام ليجد هدى تجلس و بجانبها سارة و معهم هنية ترص الاطباق..
عبد الرحمن: كانكم هاتاكلو من غيرنا اياك.
هنية: و احنا نجدرو برضيك يا حاچ.. ياللا بسم الله.
جلس الحاج عبد الرحمن في مكانه على رأس المائدة و بجانبه أفراد أسرته و معهم سارة...
هدى: جوعتونا.. كل ده كلام.. اموت و اعرف سر واحد من الاسرار اللي بينكم دي اللي بتفضلو تتودودو فيها بالساعات.
عاصم(بسماجة اخوية): و هو انتي لما بتقعدي معاه بالساعات ولا مع امك كان حد بيسألك بترغو في ايه... كل واحد يخليه في حاله وحياتك.
هدى: بقى كدة.. ماشي ياعم.. بس انا حاسة كدة انك هاتحتاجني قريب.
عاصم: ربنا ما يحوجنا ليكي ياختى.. كلي و انتي ساكتة بقى.
عبد الرحمن: مافيش فايدة ابدا.. مش هانخلصو من مناجرتكم دي.
هنية: ربنا ما يحرمنا من مناجرتهم و خناجهم يا رب..(ثم نظرت لسارة الصامتة) و انتي يا سارة ساكتة ليه و ماعتكليش كمان.
سارة(ابتلعت ريقها بصعوبة و اصطنعت ابتسامة مچروحة): أبداً يا ماما هنية سلامتك.. ما انا بأكل اهو..
عبد الرحمن: اول مرة تأكلي و انتي ساكتة أكده.. فين هزارك و ضحكك.
سارة: معلش بس اصلي عندي شوية صداع بس..
هنية: واه.. بعيد الشړ عنك يابتي.. منين بس الصداع ده؟؟
سارة: مالك بس انتي اټخضيتي كدة ليه؟ بس يمكن قلة نوم.. أو عشان ماشربش قهوة النهاردة.
عاصم: أو يمكن من كتر العياط.
عبد الرحمن: صُح كنتي عاتبكي يا سارة؟؟ لا لا يا عاصم.. سارة اعجل من اكده..
اني الحاجة هنية و عاصم جالولي على اللي حُصل النهاردة.. و جالولي على اللي عملوه مرة اخوي و بتها.. و انتي عارفاني يا سارة راچل حجاني.
و اني بنفسي هاتصرف فيه الموضوع ده.. و هاخليهم ياچو يحبو على راسك كمان..
سارة: لا لا يا حاج عبد الرحمن مافيش داعي.. هما بس ماكنوش يعرفو.. مجرد موقف و عدى.
عاصم(بتهكم): صُح عدى..
سارة: ايوة عدى خلاص.
ساد صمت لعدة دقائق تتخلله بعض النظرات الجانبية بين عاصم و والده مفادها أن سارة تكذب و أن هناك تبعات لما حدث و هو سيثبت له ذلك.. حتى قاطع عاصم ذلك الصمت المتوتر محدثاً سارة..
عاصم: عاجولك ايه يا ضاكتورة.
سارة: ايوة يا استاذ عاصم..
عاصم: اسمحيلي يعني أسألك سؤال بما انك كدة ولا كدة مابتاكليش.
سارة(بحرج): لا خالص ما انا بأكل اهو..
عاصم(بتهكم): بجى بتاكلي؟؟ ما علينا... هي عبير و هي خارجة ماتحدتتش وياكي.
ظهر الارتباك جلياً على سارة حتى أنها أوقعت شوكتها التي تأكل بها...
هنية: سيبيها يا حبيبتي.. هاجيبلك غيرها.. يا يا فاطنة.. هاني شوكة نضيفة ليام سارة جوام.
فاطمة: حاضر يا ستي الحاجة.. حالا اهو.
عاصم(باصرار): ها يا سارة.. بجولك هي عبير و هي خارجة ماتحدتتش وياكي.
سارة(بتلعثم و ارتباك): لا.. لا و هاتكلمني في ايه..
عاصم: اصلي كنت شوفتها و هي خارچة هي و امها راحت ناحيتك و دخلتلك الكراڤان كمان.
سارة(و زاد ارتباكها): ااه.. ااه.. أصلها جات عشان.. عشان تعتذرلي يعني على اللي حصل.
عاصم(بدون تفكير ولا مقدمات): كدابة.
أصاب الجميع الذهول حتى نهره عبد الرحمن...
عبد الرحمن: عاصم.. عيب اكده..
عاصم: عاتكدب يابوي.. عاتكدب عشان تداري علي بت اخوك.. جالتلك ايه يا سارة..
سارة(بقوة مزيفة): قلتلك كانت جاية تعتذرلي عن سوء التفاهم اللي حصل.. بس.
عاصم: برضه كدابة.
هنية: ما مصدجهاش ليه بس يا ولدي..
هدى: عشان عبير عمرها ما اعتذرت لحد ولا راعت شعور حد..
عاصم: اهي بتك الصغيرة جالتهالك.. و بعدين لو نفرض أن كلامك صح.. ماجولتيش ليه أنها اعتذرت لك و كان الموضوع خلص.
عبد الرحمن: ايوة صحيح.. انى لسة جايل لك اني هاجيبهم يستسمحوكي و يحبو على راسك.. سكتي ليه طالما اعتذرولك..
ولا كنتي عايزة تولعي في الدنيا حريجة بين الاخوات؟
سارة(دمعت عيناها و قالت بسرعة): لا.. لا والله يا حاج عبد الرحمن.. انا عمري ما افكر اعمل كدة.. انا بس.. ماتخيلتش أن الموضوع كبر اوي كدة.
هنية: لا يا حبيبتي.. الموضوع كبير و كبير جوي كمان.. ضيف في بيت الحاج عبد الرحمن و اتهان.. دة لولا أنك واحدة عاجلة و منينا و علينا كان طار فيها رجاب دي .
عاصم(بإصرار): قالتلك ايه يا سارة.
سارة(بحدة): قولتلك اعتذرتلي و مافيش داعي لأي مشاكل ممكن تحصل.. و عموما انا بعد كدة هافضل في الكراڤان طول مافي ضيوف هنا.. عن اذنكم..
هنية: طيب كملي وكلك طيب .
سارة: شبعت الحمد لله.. أصبحو على خير.
تركتهم و رحلت وسط تجهم الجميع و ما أن خرجت حتى نطق عاصم بإصرار..
عاصم: كدابة.. و انى متوكد.. و بكرة الصبح هانروح انا و انت يابوي حدى بيت عمي و انا هاثبتلك..
تصبحو على خير..
تركهم هو أيضاً و صعد لغرفته حتى يستعد لمعركة الغد..
ياترى سارة بتكدب ولا بتقول الحق ...
و هل هما اعتذرولها فعلا و هي خبت على عاصم و اهله عشان تولع الدنيا زي ما قال الحاج عبد الرحمن و اهي تعتبر فرصة انها تبعد عبير عن عاصم اكتر و اكتر و يبقى ليها لوحدها..
الفصل الثامن...
انتهت الليلة على ذلك... و أتجه كل إلى غرفته..
لم يتوقف عقل عاصم عن التفكير.. فقد كان عقله يبتكر طرق جديدة لم تخطر في تاريخ البشرية للفتك بتلك التي تدعى عبير...
و دخلت سارة إلى مقصورتها و لم تسمح لأي أحد بالإقتراب منها ولا حتى هاتفياً.. فقد كانت تبكي بداخل مقصورتها على ما حدث و هي تتذكر ما قالته لها عبير ...
Flash back...
ما أن خرجت عبير و والدتها من المنزل...
صالحة(پغضب): شوفتي اتحمج عليها كيف؟ ده كان ناقص يخلينا نروحو نبوسو رچليها..
عبير(بغيظ): شوفت.
صالحة: ولا هنية و بتها.. شوفتي كانو عايتحدتو عنيها كيف؟؟
عبير: شوفت ياما شوفت.. بس وحياتك انتي ياما ما اني سكتالها.. عاصم اني اللي سيبته و ماحدش هايخده تاني غيري.. حدش هاياخده مني.
صالحة: هاتعملي ايه يا بت صالحة..
عبير: دلوجت تشوفي.
ثم إتجهت حيث موقع مقصورة سارة و طرقت بابها.. كانت سارة تجلس و هي تستمع لأحد الكتب النفسية باللغة الإنجليزية من أحد مواقع الطب النفسي.. حتى تشتت تفكيرها عما حدث.
و لكن هيهات.. فعقلها آبى إلا أن يذكرها بما حدث و يعيده عليها مراراً و تكراراً.
سمعت الباب يطرق بأيدي غريبة عليه فقامت لتفتح الباب..
سارة: ايوة.. مين؟؟
عبير(بعجرفة): احنا صحاب البيت اللي انتي جاعدة فيه.
عرفت سارة صوتها و جهزت نفسها لمعركة أخرى.. فأغلقت التطبيق الذي كانت تستمع إليه و اتجهت لتفتح الباب..
سارة: اهلا و سهلا.. بس معلش صحاب البيت ازاي يعني.. هو مش صحاب البيت دة يبقى الحاج عبد الرحمن و عيلته.. و انا بصراحة ماعرفكوش.
صالحة(بنفس عجرفة ابنتها): لا ما اهو اني ابقى مرة اخو الحاج عبد الرحمن.. و دي تبقى بت اخوه و مرة عاصم ولده..
سارة(بتصحيح): قصدك طليقته.
عبير(مغتاظة من مجرد معرفتها لتلك المعلومة): ايوة طليقته.. بس جريب اوي هانرچعو لبعض.. اني برضيك بت عمه و هو ابن عمي و مسيرنا في الاخر لبعضينا.
سارة: تمام.. الف مبروك مقدما برضه.. اسفة ماقولتلكوش تتفضلو..
صالحة: نتفضلو فين ياختي.. انتي عايشة في عربية نجل ولا ايه؟؟
سارة: لا يا حاجة.. دة اسمه كراڤان.. اتفضلو..
عبير(بتقزز كان واضحاً في صوتها): نتفضلو فين.. انتي اتخبلتي اياك.. الناس مجامات يا ست انتي.. و المنياوية مايدخلوش اي مكان اكدة.. لازمن يكون كد مجامهم.. فاهمة؟؟
سارة: اظن عيب كدة.. و مافيش داعي أبداً للكلام دة..
عبير: و هو انى جلت ايه عيب.. بقول أن الناس مجامات.. و كل برغوت و على كد دمه..
فماتحوليش تبصي على حاچة ماهياش بتاعتك عشان ماتتعبش روحك على الفاضي.. اظن فاهماني..
سارة: لا الحقيقة مش فاهماكي..
عبير: اني افهمك..
ثم قامت بدفعها پعنف لداخل المقصورة حتى ان سارة كادت ان تقع و دخلت عبير و والدتها خلفها..
سارة: ايه ده.. ايه اللي انتي بتعمليه دة..
عبير: مش كنتي بتجولي اتفضلي.. اديني اتفضلت اهو.. (ثم نظرت للمقصورة و محتوياتها بتقزز) و لو أنه عادي يعني...
و عادت نظرت لها و قالت بنبرة خبيثة و مستفزة..
عبير: طجطجيلي ودانك بجى و اسمعيني زين عشان الحديت اللي هاجوله ده ماهكررهوش تاني..
عاصم واد عمي.. و چوزي.. كان في بناتنا شوية مشاكل و هانحلوها مع بعضينا جريب..
و انتي اهنا داكتورة لهدى.. يعني انتي في الأول و في الأخرة حتة مستخدمة عندينا.. بتشتغلي و تاخدي أچرتك و ليكي لجمتك زيك زي خدامين السرايا.. فاهمة؟؟!
يعني مالكيش صالح بأسيادك.. و خصوصي عاصم لا الاجيكي جاعدة معاه تتحدتو زي ما شوفتكم جبل سابج.. ولا تتحدتي معاه من اصله.
عجلك يوزك تلعبي عليه و تعملي معاه حركات بنات بحري دي.. الله في سماه اكون وكلاكي بسناني.. انتي لسة ماتعرفيش مين هي عبير بت صالحة.. فعشان مصلحتك خليكي بعيد عنيه على كد ما تجدري.. فاهمة.
ثم قامت بدفعها لتسقط على كرسيها الوثير و تركتها و رحلت مع والدتها..
اڼهارت سارة في البكاء لأنها لم تستطع أن توقف مثل هذه الحقېرة عند حدها و أيضاً لأنها لم تستطيع رؤيتها لترد عليها..
فبرغم استقلالية سارة الا انها قد خاڤت منها بالفعل.. فهي قد دفعتها مرتين في دقيقة واحدة و من الواضح أنها كانت على أتم الاستعداد لفعل أكثر من ذلك..
Back...
ظلت سارة تبكي إلى أن اتت فاطمة لتدعوها لتناول العشاء.. و عندما عادت من العشاء أكملت بكاءها قهراً على ما حدث من تلك المدعوة عبير...
لم تغمض عينيها دقيقة واحدة و كانت مرهقة للغاية حتى أنها طلبت من فاطمة التي ذهبت لتدعوها لتناول الإفطار أن تعتذر لمن بالمنزل و تتحجج بأنها متعبة و سوف تستريح في مقصورتها لليوم.
اما بالسرايا...
نزل عاصم بكامل هيئته إلي عائلته المجتمعة على طاولة الإفطار.. دخل و القي تحية الصباح عليهم جميعاً و جلس بمكانه...
كان واضحاً على وجهه الإرهاق الشديد.. فاستنتج الجميع أنه لم ينام تلك الليلة مطلقاً...
عاصم: إصباح الخير..
الجميع: إصباح الخير يا عاصم..
عاصم(بعد أن جلس): وحياتك ياما تجولي لحد من البنات يعملولي جهوة احسن راسي هاتتفرتك من الصداع.
هنية(بحنان): سلامة راسك يا ولدي.. طيب كل لك لجمة الاول.
عاصم: لا ياما مالياش نفس.. بس خليها دوبل بن تجيل.. الا نافوخي خلاص هايفرجع صُح.
عبد الرحمن: انت مانمتش زين ولا ايه.
عاصم: ها... لا عادي بس.. كنت جلجان شوية.. امال فين سارة؟؟ ماصيحتش لسة اياك.
هنية: بعت البت فاطنة تنده لها... عبال ماتاچي اكون عملتلك القهوة بيدي.
عاصم: تسلم يدك ياما.
دخلت إليهم فاطمة وحيدة فسألتها هنية..
هنية: فين ستك سارة يا بت يا فاطنة.
فاطمه: بتجول مالهاش كيف تفطر دلوجت.. و بتبلغ الست هدى أنها بعافية النهاردة و ماهتجدرش تاچيلها.
هدى: غريبة.. دي اول مرة تعمل كدة.. ماقلتلكيش مالها يا فاطمة ولا تعبانة من ايه.
فاطمة(بتلعثم): ماهو.. اصل..
هنية: ماتنطجي يا بت.. مالك؟؟
فاطمة: بصراحة بجى اني ماجدراش اسكت تاني.
عبد الرحمن: في ايه يا بت المركوب انتي ماتنطجي و تجولي مالها البنية.
فاطمه: هي زينة.. بس بصراحة اصل هي جالتلي ماجولش.. بس أصلها صعبانة عليا جوي.
عاصم(بعصبية مفرطة بعد أن نفذت اخر ذرات صبره): انتي عاتجولي ولا اجوم اديكي علجة مۏت تخليكي تنطجي.. ماتنتطجي يا بت انتي فيه ايه؟؟
فاطمه: تصلي . اصلي لما روحت لها امبارح عشان العشا لجيتها عاتبكي و صوتها كان مجطع جلبي يا حبة عيني بعد ما الست عبير مشيت من عنديها.. اصلي لمحتها خارچه من العربية بتاعتها دي..
و جالتلي ماجولش حاچة.. بس كمان النهاردة لما اتأخرت و الست هنية بعتتني ليها.. لجيت عينيها حمرا كيف الډم.. و شكلها يا حبة عيني مانامتش ساعة واحدة ولا داجت طعم النوم من اصله.
فماجدرتش اسكت ولا اجولكمش.. دي بنية وحدانية هنا من غير أهلها ولا أصحابها.. حرام نسيبوها أكده.
عبد الرحمن: طيب روحي انتي يا فاطمة دلوج..
عاصم: شوفت يابوي.. مش جولتلك.. بت اخوك زعلتها و هي كدبت و دارت عليها عشان ماتعملش مشكل بينك و بين عمي.
عبد الرحمن: معاك حج يا ولدي... ام عاصم..
هنية: ايوة يا حاج..
عبد الرحمن: عاجولك ايه.. اني رايح لبيت اخوي دلوقت.. ساعة وراچع.. عبال ماچي تكونو فطرتوها البت الغلبانة دي.. دي بتاخد علاچ برضيك و محتاچة غذا.. و اني لما ارچع يبجى ليا حديت تاني معاها.
هنية: حاضر يا حاج.
عبد الرحمن: ياللا يا عاصم.
اتجه عاصم و والده إلى منزل الحاج حامد.. و بعد السلامات المعتادة و ما إلى ذلك...
حامد: بجى اكده يا عاصم... تطرد مرات عمك و بت عمك من دارك بالطريجة دي.. كانشى العشم واصل لا.
عاصم: ماحصلش يا عمي.. مين اللي جال الحديت دة..
حامد: يعني عايكدبو هما اياك.
عاصم: لا العفو.. بس هما جاعدين اها.. يجولو لو كنت طردتهم.
صالحة: امال كان معناته ايه حديتك امبارح ده؟؟
عاصم: اني ماجولتيش غير أن اللي يدخل دوار الحاج عبد الرحمن المنياوي لازمن يحترم كل اللي فيه يا اما مايدخلوش من اصله.. ماجلتش اكتر من أكده..
صالحة(پغضب): و هو انت اكده ماطردتناش.
عبد الرحمن: معنى كلامك انكم فعلا هينتو الضيفة اللي عندي في داري.. و عشان أكده عاصم طردكم كيف ما بتجولو.
صالحة (بارتباك): ها.. لا.. لا يا حاچ عبد الرحمن.. مش جصدي.. اني اجصد اني...
عاصم (عاملاً بمبدأ أطرق الحديد و هو ساخن): ماهي سارة كمان جالت لابوي كل اللي حُصل في الچنينة و حتى اللي انتو جولتوهولها في العربية بتاعتها..
عبير(بدون تفكير): كدابة..
عاصم(نظر لوالده بنظره فهمها هو فقط): شوفت يابوي.. مش جولتلك انها كدابة.
ظن الجميع أنه يقصد سارة و لكن والده فقط هو من فهم تلميحه على عبير.. ثم نظر عاصم لها مرة أخرى و أكمل بمكر عظيم لا يخرج سوى من عاصم المنياوي...
عاصم: بس هو اني لسة جلت هي جالتلنا ايه عشان تكدبيها..
عبير: اني ماروحتلهاش.
عاصم(مستنداً يكفيه فوق عصاه الابنوس المزخرفة المماثلة لعصا والده دليلاً على تطابق طباعهما و ذكائهما معا): كيف بجى عاد.. إذا كنت اني بنفسي من بلكونة اوضتي شايفك داخلة عنديها انتي و مراة عمي و لما خرچتو كمان..
عبير: ايوة.. اصل..
حامد(پغضب): ماتنطجي يابت انتي.. روحتولها ولا لا..
عبير: روحنا لها يابوي بس..
حامد: بس ايه.
صالحة(بقلق مما هو آت): اصل أحنا يعني ماطولناش عنديها.. دة هما كانو 5 دجايج بس.
عاصم: اومال كدبتي ليه و جولتي انك ماروحتلهاش انتي و بتك.
عبير(فركت كفيها بتوتر و وتلعثمت پخوف): ماهو.. ما.. ماهي اكيد راحت جالتلكم كلام ماحصلش عشان تكسبكم في صفها..
عاصم: يعني ايه... طيب ما تجوليلنا جولتيلها ايه عشان نوجفوها عند حدها..
عبير: اني.. اني بس جولتلها أن جعدتها معاك وحديكم عيب و مايصحش.. عشان هي بنية و انت راجل.. خفت عليك يا واد عمي من كلام الناس..
عاصم: اممم لا فيكي الخير.. و إيه كمان.
عبير: و أن.. أن اني و أنت يعني كنا متجوزين و أننا يعني هانـ.....
عاصم: هانـ إيه.. نرچعو لبعض مثلا..
عبير(بأمل كبير): مثلا.
عاصم(ببرود): طيب عارفة بجى هي جالتلنا انتي جولتيلها إيه؟
عبير(بترقب و ړعب): ايه؟
عاصم: جالتلنا انكو روحتو لها عشان تطيبو خاطرها و تعتذرولها كمان.
عبير(پغضب أعمى): إيه... هي مين دي اللي نعتذرولها..
ڼهرتها صالحة عندما أمسكت ذراعها تنهيها عما كادت ان تقوله و هي تصحح ما قالتها عبير...
صالحة: ايوة ايوة يا عاصم.. أحنا روحنالها عشان نطيبو خاطرها بكلمتين... بالأخص يعني أنها بتعالچ هدى ربنا يشفيها..
خوفنا الا تديها دوا غلط ولا تعمل لها حاچة عفشة.
عاصم: فيكو الخير.
صالحة: بس بعد ده كله طردتنا من عنديها.. جال ايه ده بيتها و أحنا مچرد ضيوف فيه.. و كانت هاتحدتتنا من طراطيف مناخيرها اكده و كأنها صاحبة البلد كلاتها.
عاصم: إيه رأيك يا عمدة يا كبير البلد... الدكتورة سارة يطلع منها ده كله؟ ولا يتخاف منيها انها ټأذي هدى ولا اي مخلوج أصلا.
عبد الرحمن: شهادة لله لا.. البنية بجالها مدة معانا بتتعامل مع اجل واحدة بتشتغل في السرايا كأنه صاحبتها.
لا عمرها اتعالت على حد ولا اتكبرت على حد.
عاصم: و اني كمان شايف اكده.
عبير: يعني تكدبونا و تصدجوها؟؟! تكدبو اهل بيتكم و تصدجو الغريبة.
عاصم: ايوة.. عشان كل اللي جاعدين دول عارفينك زين يا بت عمي.. و اني و أبوي و امي جبليا عارفين سارة زين و انها مايخرچش منها العيبة ولا يمكن تعمل اللي انتي جولتي عليه ده.
ثم أكمل بتحدٍ واضح و صريح...
عاصم: و من الآخر بجى عشان ورانا مصالح.. انتي تسمعيني زين يا بت عمي عشان الحديت ده ماهكررهوش تاني..
نمرة واحد.. كلمة "احنا" دي ماعيزش اسمعها منيكي تاني واصل.. اسمي عمره ماهايتچمع باسمك في جملة مفيدة تاني ابدا مهما حصل..
نمرة اتنين.. اني مانيش عيل صغير عشان واحدة زيك تخاف عليا من كلام الناس.. و الناس اللي انتي خاېفة عليا منيهم كلهم عارفين مين هو عاصم المنياوي و اللي يستچري بس انه يچيب سيرته بحاچة عفشة يبجى هو اللي چاني على روحه.
نمرة تلاتة.. اني كنت جاعد معاها في الجنينة وسط كل اللي شغالين حدانا في السرايا.. و اصلا امي كانت جاعدة معانا و جامت جبل ماتيجو بمافيش دجايج عشان تچهز الوكل لابوي..
نمرة أربعة.. اللي يوزه شيطانه و يفكر بس مچرد تفكير أنه يچيبب سيرة عاصم واد الحاج عبد الرحمن المنياوي أو اي حد يخصه بحاچة عفشة.. الله في سماه لأكون جاطعله لسانه..
و اهم حاچة بجى.. ياريت ترحمي الناس من لسانك اللي بيدبح و هو مش داري دة.. ماشي
عبير: و هي ست الدكتورة تخصك في ايه؟؟
عبد الرحمن(بحزم لا يقبل النقاش): طالما في بيتنا تبجى تخصنا يا عبير... فاهمة ولا لا..
عاصم(مكملاّ تعريتها أمام نفسها): و على فكرة.. سارة لما سألناها انتو روحتولها ولا لا جالت لا..
و لما احرچتها و جولتلها اني شوفتكم و انتو داخلين عنديها جالت انك كنتي بتتأسفيلها و هي ماتعرفكيش زين و ماتعرفش انك ماتعرفيش تعتذري لحد.. جالت اكده و كدبت عشان ماتعملش مشاكل بين الاخوات.. عرفتي بجى الڤرج بيناتكم؟؟
حامد(بحرج): حجك عليا يا عبد الرحمن ياخوي.. حجك عليا يا عاصم..
عبد الرحمن: حُصل خير يا خوي.. ضيفتي اني هاعرف أراضيها.. لكن اللي حُصل دة كبير و كبير جوي كمان.. بس على العموم لينا حديت تاني بعدين.. ياللا يا عاصم.
ترك عاصم و ابيه منزل عمه حامد الذي كاد ان ېحترق بنيران ڠضب و غيظ عبير و التي عزمت على خوض تلك الحړب بلا نية للإستسلام.
و عاد عاصم و والده مرة أخرى للسرايا ليجد الجميع معا هناك..
عبد الرحمن(بنبرة مرحة حتى يخفف على سارة حدة ما حدث و ما عرفه): واه واه.. كان السرايا نورها زايد عن الصبح ولا اية يا عاصم..
عاصم(يفرح لمجرد وجودها في نفس المكان معه): كانها اكدة يابوي.
هنية: ايوة طبعا اصل سارة ماكنتش موچودة الصبح..
سارة: ازاي بقى منورة بيكم انتو اكتر..
هدى: دي طلعت روحنا عشان نخليها تيجي.
عبد الرحمن: واه واه واه.. ليه اكده يا دكتورة.. وكلنا ماعدش لادد عليكي اياك ولا ايه؟
سارة(بخجل): لا يا حاج عبد الرحمن ازاي تقول كدة... هو في احلى ولا اجمل من اكل ماما هنية.
اقترب عبد الرحمن من مجلسهم و خلفه عاصم.. و اقترب من سارة و جلس بجوارها...
عبد الرحمن: اسمعي يا سارة عايز اجولك كلمتين جدام الكل هنا.
سارة(بانتباه): خير يا حاج عبد الرحمن.
عبد الرحمن: خير يا بتي.. شوفي.. اللي حُصل امبارح اني عرفته..
سارة: صدقني يا حاج...
عبد الرحمن: مصدجك من غير ما تجولي حاچة.. بس اسمعيني الاول..
أني ليلة امبارح لما تهمتك انك عايزة توجعي بين الاخوات ماكنش اتهام زي ما انتي فاكرة ولا اني كنت جاصد ازعلك.
سارة(بحزن): ماحصلش حاجة يا حاج عبد الرحمن.
عبد الرحمن: يعني صُح مازعلناشي؟!
سارة: لا صدقني.
عبد الرحمن: لا زعلانة... و باين عليكي و انتي أصلا ماعتعرفيش تكدبي.. شوفي يا بتي.. اني لما جولتلك اكده ماكنش اتهام.. بس كنت عاجولك اكده بس عشان اخليكي تجولي اللي حُصل صُح مش اللي كدبتي و جولتيه عشان تداري عليهم.
بس انتي عشان بت ناس و بت أصول مارضيتش تزودي المشكلة و تحكيلي اللي حُصل و اللي عرفته من عاصم و ام عاصم و هدى كمان.
اوعي تفكري اني ممكن اعدي الغلط لمچرد أن اللي غلط حد من اهل بيتي ولا من عشيرتي يعني.. لا والله.. اني روحت لأخوي و عرفت كل حاچة.. و من بجهم و بلسانتهم كمان.
هنية: كيف ده.. جالوهالك هما بسهولة اكده؟؟
عبد الرحمن (نظر لابنه بفخر): ولدك مش سهل يا ام عاصم.. خلاهم يجرو بكل حاچة عملوها و حجك يا سارة جالك كمان.. تالت و متلت.
مش عايزك تزعلي واصل.. مفهوم.
سارة(بخجل): مفهوم يا..
عبد الرحمن(مقاطعاً): يا ايه بجى..
سارة: يا حاج عبده..
عبد الرحمن: طالما جولتي عبده تبجي مش زعلانة.. جهزولنا غدا زين بجى على ما نرجعو من أشغالنا.. احسن فطور الصبح مكانش ليه طعم من غير دكتورتنا الغالية..
سارة(بخجل): ربنا يخليك يا حاج عبده.
عبد الرحمن: تعيشي يا بتي.. بينا يا عاصم..
عاصم: لا يابوي اني مش خارچ النهاردة .
هنية: ليه اكدة.
عاصم: مافيش بس ورايا كام حاچه هاعملهم على اللاب اهنه و ماوراييش حاچة مهمة برة يعني..
عبد الرحمن: طيب زي ما تحب يا ولدي.
تركهم عبد الرحمن و ذهب لمقر عمله كعمدة للبلد.. و خرج خلفه عاصم الذي اختفى بالحديقة الخلفية ينفذ خطته مع سارة التي تراها خطوة هامة في علاج شقيقته..
برغم عدم اقتناعه الكامل بها و برغم أنه لم يفكر بها ملياً كما وعدها.. و لكن ثقته بها ازدادت كثيراً بعد ما حدث بالأمس.. و خاصة عندما رفضت البوح بما قالته عبير من كلام مسمۏم هو يعلم تمام العلم انها قالته بالفعل..
اما هدى فاتجهت بعد قليل إلى غرفتها بصحبة الممرضة المسؤولة عنها.. فهي تأتي لها كل يومين حتى تحممها و تغير لها ملابسها بطريقة أسهل من التي كانت تعتمدها امها بمساعدة فاطمة..
فلما شعرو بصعوبة الأمر اضطروا للاستعانة بممرضة ما لتساعدها...
و لكن بمجرد دخولهما معاً خرجت الممرضة ترهول منزعجة..
الممرضة: الحجينا يا ست الحاچة.
هنية: في إيه يا بت مالك مڤزوعة أكده ليه.. هدى چرالها حاچة؟؟
الممرضة: لا الست هدى بخير.. بس دخلنا لجينا الحمام غرقان مية و الماسورة شكلها اتكسرت..
هنية(و هي تركض الي غرفة ابنتها): بت يا فاطنة.. انتي يابت..
فاطمة(و هي تخرج من المطبخ مهرولة): ايوة يا ست هنية.. ايوة جيت اها..
هنية: اطلعي الچنينة لسيدك عاصم قوليله ياجي يغيتنا.. همي يابت..
فاطمة(مهرولة للخارج): حاضر حاضر يا ستي.
اتجهت هنية لغرفة ابنتها لتجدها غارقة في بركة من المياه التي طالت كل ما يوجد على أرضية الغرفة.. السجاد و تحت الفراش و تقريبا الغرفة بكاملها ..
دخل عاصم الي المنزل ليجد سارة تجلس مكانها و على وجهها ابتسامة رقيقة نتيجة معرفتها أن عاصم كان قد سمع لها و نفذ خطتها و قام بكسر الماسورة بالفعل.. اقترب منها و قال بهمس..
عاصم(بابتسامه فرحة): اول مرة اشوف واحدة فرحانة أن البيت اللي هي عايشة فيه بيغرق..
سارة(اتسعت ابتسامتها): انا مش فرحانة أن البيت بيغرق..
عاصم: امال فرحانة ليه؟
سارة: فرحانة عشان وثقت فيا و سمعت كلامي..
عاصم(و اتسعت ابتسامته): عارفة لو اساسات البيت دة .. هادفعك تمن التصليحات.. انا جدي دافع فيه ډم قلبه و انا تعبت فيه اوي لحد ما خلص.
سارة(ضحكت بخفوت): مش مهم.. المهم ان هدى تبقى كويس..
هنية(من داخل الغرفة): غيتني يا عاصم.. الحجنا يا ولدي.
عاصم(بعد أن دخل و تصنع الصدمة): واه واه واه.. ايه اللي حُصل؟؟
هدى: مش عارفة.. احنا جينا عشان اخد الشاور بتاعي.. دخلنا الاوضة لقيناها بايظة كدة و غرقانة مية..
هنية: خش يا ولدي شوف ايه اللي بايظ في الحمام..
عاصم(بعد أن دخل الحمام): واه.. ديه المحبس الرئيسي بتاع الحمام سايب خالص..
هنية: بت يا فاطمة.. همي يابت ابعتي حد من الغفر للواد سيد السباك ياچي يشوف فيه ايه؟؟
فاطمة: حاضر ياستي.. حالا اهو..
سارة(و هي تدخل من باب الغرفة متصنعة جهلها بما حدث): ايه يا جماعة في ايه اللي حصل؟؟ هو في مية مدلوقة ولا ايه.. انا رجلي ڠرقت كدة ليه؟؟
هدى: دي الاوضة كلها ڠرقت.. شكل المحبس الرئيسي باظ و هو اللي عمل كدة.
سارة: يا خبر طيب و بعدين؟؟
هنية: شيعنا للسباك ياچي يشوف الهم دة..
سارة(لتزيد من صعوبة الموقف): طيب اقطعو الكهربا عن الاوضة كمان احسن تعمل ماس كمان ولا حاجة.
هنية: ايوة صُح.. افصل الكهربا يا عاصم..
عاصم: طيب حاضر ممكن بجى تتفضلو كلكم على برة عشان الصنايعية اللي چايين دول.. مايصحش تجفو معاهم.
هنية: ايوة معاك حج.. ياللا يا بنات على برة..
الممرضة: طيب يا چماعة انى هامشي ولا هاعمل ايه انى...
هنية: اني عارفالك انتي كمان بجى..
سارة: يعني هو مافيش اوض تاني في البيت عشان هدى تاخد الشاور بتاعها..
عاصم: خلاص عشان مانعطلوش حد معانا.. اطلعي فوج يا هدى اتسبحي عبال ما نشوفو الۏجعة دي.
هدى: و انا هاطلع ازاي انا بقى.
عاصم: مش مشكلة هاشيلك اطلعك فوج..
هنية: طيب ياللا.. ياللا بينا طلعها يا عاصم و انزل للصنايعية تاني.
و بالفعل تم ما خططت له سارة بالحرف.. و لكن تبقى جزء هام على عاصم.. و هو الاتفاق مع سيد ليقول ما يريده...
فخرج عاصم مع سيد من الغرفة بعد ان اتفق معه على ما يجب ان يقوله أمام هنية...
سيد: لا والله يا سي عاصم الحكاية دي تاخدلها اجلو ياچي اسبوع ولا 10 ايام..
هنية: واه.. ليه كل دة.. دة حتة محبس هاتغيره و خلصنا..
سيد: لا يا ستنا لا.. الماسورة الام هي اللي مکسورة مش المحبس بس.. لازم تتغير من برة من الچنينة .
عاصم: خلاص ياما يعني انتي هاتعرفي في شغله اكتر منيه.. خلاص يا اسطي سيد.. شوف اللازم و اعمله .
سيد: خلاص.. انا في في يدي شغلانة كدة تاخدلها يومين.. اخلصها و اجيلكم طوالي.
هنية: واه يا سيد يومين ايه.. و احنا هانفضلو في الۏجعة دي يومين..
سيد: يا ستنا ما انتي مايخلصكيش اسيب شغل الناس في نصه من غير ما اخلصه و يفضل متعلج اسبوع و زيادة..
عاصم: لا طبعا مايصحش ياما..
سيد: و عموما اني هاجطع المية عن الاوضة دي خالص لحد ما ارچع و اعمل اللازم.
عاصم: خلاص يا سيد خلص براحتك و يومين و الاجيك هنا .
سيد: تحت امرك يا سيدنا.. سلامو عليكو.
و كان كل ذلك بالاتفاق الذي تم بين عاصم و سيد السباك حتى يطيل مدة التصليحات لأطول فترة ممكنة حتى يجبر هدى على الانصياع لطلب الجميع بضرورة خضوعها للعلاج الفيزيائي حتى تقف على قدميها مرة أخرى..
هنية: طيب و بعدين.. هانعملو ايه في الۏجعة دي..
عاصم: مافيهاش عمل ياما.. خلي هدى في الاوضة اللي فوق الكام يوم دول لحد ما ربنا يفرچها..
هنية: و هاتفضل محپوسة فوج.. يعني احنا ماصدجنا أنها ترچع تجعد و تاكل و تتحدت معانا تاني.. نجومو نحبسوها تاني بيدنا.
عاصم: مش مشكلة ياما.. اني هابجي انزلها الصبح و اطلعها بالليل لما اچي وخلاص و اهم يومين نتحملوهم كلنا..
هنية(بقلة حيلة): ماشي يا ولدي.. اللي فيه الخير يجدمه ربنا...
و تم ما خططت له سارة بالضبط.. من تخريب الغرفة لإجبار هدى على الانتقال إلى غرفة أخرى بالطابق العلوي للمنزل.. حتى تصعب عليها الحركة أكثر قليلاً فتشجعها أكثر على العلاج..
الفصل التاسع
مرت بضع أيام أخرى و كانت خطة سارة تسير على أكمل وجه حتى أتى يوماً ما و طلبت سارة من عاصم أن يكملا اخر جزء من الخطة و هو...
عاصم: ها يا ستي عايزاني اعمل ايه المرة دي؟؟
سارة: عايزاك تقوم الصبح بدري اوي و تخرج قبل ما اي حد في البيت يصحى .
عاصم(بتعجب): و دة ليه يعني؟؟
سارة: عشان هدى ماتلاقيش حد ينزلها الصبح زي كل يوم..
عاصم: ماهي كدة هاتحس بالعجز و دة اللي كان بيعملوه الدكاترة اللي قبلك و كان پيجرحها اوي .
سارة: كان پيجرحها و يضايقها لأنهم كانوا بيقولهولها بصراحة شديدة و بطريقة قاسېة.. إنما احنا لا.
برغم أن عاصم قد أوضح لعبير بشكل واضح و صريح أن اسمه و اسمها لن يجتمعا بجملة واحدة ابدا مرة أخرى.. الا أنه استمتع بكلمة "احنا" التي قالتها سارة و التي كانت تقصدهما بها.. فعمت فرحة لا يعلم سببها قلبه...
عاصم(ابتسم بحب): احنا؟؟
سارة(ابتسمت برقة): ايوة إحنا.. مش انت اللي بتساعدني؟ يبقى احنا.. انا و انت.. ولا ايه؟؟
زادت فرحته بجملة "انا و انت" فانفرجت اساريره و زاد نور وجهه بابتسامته التي اتسعت و أجابها..
عاصم: طبعا.. كملي.. إنما احنا ايه؟؟
سارة(تنهدت بسعادة): إنما احنا بنعمل المشكلة و نخليها هي تدور على الحل عشان تسترد جزء من ثقتها في نفسها.. زي اللي بيحط الدوا المر في كوباية عصير حلوة..
عاصم: و لو دة جرحها أو زعلها..
سارة: سيب الحكاية دي عليا.. هدى هاتضايق لو انا قولتلها ..
"شوفتي بقى لو كنتي ابتديتي علاج كان زمانك بتتحركي دلوقتي و نزلتيلي تحت مش انا اللي اطلعلك أو نبقى مضطرين نستنى عاصم ينزلك"..
إنما أنا مش هابين لها اني مضايقة خالص من اني طلعت لها فوق.. بالعكس دة بالنسبة لي هيبقى تغيير حلو.. لكن هي اللي من جواها هاتقول لنفسها كدة..
"لو كنت اتعالجت كان زماني بتحرك براحتي".. و هو دة اللي انا عايزاه.. اني ازرع جواها الدافع اللي يبقى نابع منها هي مش من أي حاجة خارجية عشان تتعالج بمزاجها و عشان نفسها مش اي حاجة تانية..
عاصم: ماشي.. حاضر.. هاخرج الفجر قبل ما تصحى الست هدى حلو كدة؟؟
سارة(ابتسمت بامتنان): حلو.
عاصم: برضو مش ناوية تقوليلي عبير قالتلك ايه لما راحت لك الكراڤان؟؟
سارة(تجهمت ملامحها و زفرت بملل): مازهقتش من السؤال دة.. بقالك اسبوع من ساعة اللي حصل بتسألني و بجاوبك نفس الإجابة.. كانت بتعتذرلي..
عاصم: بس انا مش مصدقك.. و انا قولتلك كدة.
سارة: طيب هاسألك سؤال الاول تجاوبني عليه و انا اجاوبك.. ماشي.
عاصم: ماشي؟؟ اسألي..
سارة: هو.. هو انت و هي يعني.. ناويين ترجعو لبعض تاني؟؟
عاصم: ماقولتلك قبل كدة لا.. لا.. و بعدين انتي جبتي منين الكلام دة.. أنا مستحيل ارجع لها تاني.. مستحيل.
سارة(و حاولت كبح ابتسامتها): ابدا ابدا؟؟
عاصم(إبتسم السعادة التي ظهرت في صوتها): ابدا ابدا.. لو اخر واحدة في الدنيا.. عمري ما هارجع لها.. مستحيل بعد اللي عملته فيا.
سارة: هو انا ممكن أسألك انتو اتطلقتو ليه؟؟
عاصم(توتر و حاول تغيير الموضوع): احنا كنا متفقين على سؤال واحد.. ولا ايه؟؟
سارة: ماشي.. معاك حق..
عاصم: جاوبيني بقى قالتلك ايه...
سارة: قالتلي كدة.. انكو ولاد عم و مسيركم هاترجعو لبعض تاني.. و مافيش داعي اني اعلق نفسي بحبال دايبة أو اني ارسم عليك.
عاصم: ترسمي عليا؟؟ و هي قالتلك كدة ليه؟
سارة: المدام فاكرة ان في بينا حاجة.
عاصم: و انتي قولتيلها ايه؟؟
سارة: قولتلها أن بيتهيألها و ان العلاقة اللي بينا هي مجرد علاقة بين دكتورة و اخو المړيضة بتاعتي و بس.. او ان أحنا حتى مجرد اضدقاء و بس.. مش احنا مجرد اصدقاء يا عاصم؟؟
قالتها و كأنها تطلب ان ينفي تلك الصفة في علاقتهما.. و كأنها كانت تطلب منه أن يقول ما يخفيه و ان علاقتهما ليست صداقة فقط.. و لكنها شعرت بالإحباط عندما رد ببرود..
عاصم: ها.. ايوة.. طبعاً.. اصدقاء أكيد.. بقولك ايه.. انا هاقوم اعمل تليفون مهم.. عن إذنك..
لم يمهلها الوقت لترد بل قام يفر من أمامها اما هي.. فتنهدت بيأس منه..
سارة(و هي تقلده): ايوة طبعا اصدقاء.. افففف.. ماشي يا عاصم أنا وراك و الزمن طويل لحد ما تقر و تعترف.. ماشي.
مر ذلك اليوم بسلام و آتى اليوم التالي و استيقظ الجميع ليمارسوا روتينهم اليومي لتذهب هنية الي غرفة ابنتها لتوقظها
هنية: صباح النور على البنور.. دة انا كنت فاكراكي لساتك نايمة..
هدى: لا يا ماما صاحية يا حبيبتي.. انتي جايبالي الفطار ليه هنا؟؟
هنية: اصل اخوكي طلع من الفچر يا حبة عيني ما فطرش حتى.. و كدة مش هاتجدري تنزلي تحت النهاردة..
هدى: ايه.. يعني انا هافضل محپوسة في الاوضة هنا طول النهار.. و هو عاصم ازاي يخرج من غير ما يصحيني و ينزلني...
هنية: معلش يابتي.. طلعتله مُصلحة راح يجضيها في المركز و نزل بدري جوي والله... دة حتى اني ماشوفتوش..
هدى(و ظهر على وجهها الضيق): ااه.. طيب يا ماما..
هنية: ياللا بجى نفطرو... اني عملالك فطور إنما ايه ملوكي.. صنع ايديا وحياة عنيا.
هدى(بحزن): تسلم عنيكي و ايديكي يا ماما.. بس خليه شوية.. ماليش نفس..
و دخلت سارة الى الغرفة على اخر كلمات هدى مستندة على ذراع فاطمة حتى ترشدها لغرفة هدى الجديدة و هي تقول بمرحها المعتاد...
سارة: مين دي اللي بتقول مالهاش نفس..
هنية: تعالي يا ستي شوفي صاحبتك.. جال ايه مالهاش نفس...
سارة: ازاي دة.. دة ريحة البيض و السمن البلدي هي اللي جابتني لحد هنا مش بطة لا..
فاطمة(بعتاب لطيف): اكده يا ست سارة.. طيب اني زعلت..
سارة: يا عبيطة انا بقول كدة بس عشان مابينلهمش اني مش عارفة البيت.. استري عليا بقى.
ضحك جميعهم ماعدا هدى التي فقط اكتفت بابتسامة باهتة...
سارة: و انا يا ستي مارضيتش افطر مع ابوكي الحاج عبده و قلت اجي افطر معاكي.. و ابوكي قلب عليا تحت و كان هايشحني على مصر بسبب اني سيبته و جيت افطر معاكي.. ياللا اكلوني بقى..
هنية: ياللا يا حبيبتي بألف هنا و شفا..
ظلت سارة بصحبة هدى بغرفتها طوال اليوم.. لم تذكر لها مطلقاً اي شئ يخص علاجها ولا عجزها.. و لكنها اطمأنت من نجاح تلك الخطوة من ضيق هدى الذي كان ظاهراً في صوتها و نبرتها..
إلى أن طلبت منها هدى أن تتركها وحدها حتى ترتاح قليلاً..
اتجهت سارة أيضاً لمقصورتها بحجة أن ترتاح قليلاً مثل هدى و لكنها أجرت اتصالا هاتفيا هاما..
سارة(للهاتف): call Assem. (اي اتصل بعاصم فهو هاتف مخصص لفاقدي البصر حتى يساعدهم على استعماله مثل المبصرين و لكن ببصمة الصوت)
و انتظرت حتى أتاها الرد...
عاصم: ها.. اجي ولا لسة.. انا زهقت..
سارة(ضحكت بمرح): ههههههههه.. ايه ياعم بالراحة علينا.. مالك داخل سخن كدة.
عاصم: ما انا زهقت انا خلصت شغل اسبوعين قدام و مافيش حاجة تاني اعملها.. قوليلي اجي بقى و حياة عيالك يا شيخة.
سارة(ضحكت ثانية): ههههههههه.. عيالي مرة واحدة.. لا طالما حلفتني بعيالي اللي لسة في علم الغيب.. خلاص تعالى يا عم..
عاصم: و هدى عاملة ايه؟؟
سارة: استوت على الآخر.. خلاص جابت آخرها من الحبسة في الاوضة اللي كانت نسيتها و رجعت لها مجبرة ياعيني.. و هما يومين تلاتة بالكتير و تقولك هاتلي الدكتور..
عاصم: يارب.. طيب ايه هانعمل الحركة دي تاني؟؟
سارة: لا طبعا.. هاتبقى مفقوسة اوي... لما تيجي هاقولك نعمل ايه؟
عاصم: ماشي انا جاي...
و بالفعل أتى عاصم و لكن اتى ليلا و تناولوا العشاء معا و أوصل هدى لغرفتها مرة أخرى و انتهي اليوم بتفكير هدى في أنها بالفعل تريد أن تستقل بنفسها مرة أخرى..
=================================
بدأت علاقة هدى بسارة أن تقوى أكثر و اكثر.. كانت تتحدث سارة معها عن أى شيئٍ غير مرضها.. مما جعل هدى تشعر أنها أصبحت شبه طبيعية.. فكل الأطباء السابقين لسارة كانو يضغطون و بقوة على جزء عجزها و مرضها..
و هو الأمر الذي جعلها تنفر منهم و من العلاج و من كل شئ.. فتشجعت هدى قليلاً و بدأت أن تتحدث أكثر عن أي شئ.. حتى لو كان تافهاً كانت سارة تتقبله منها كبادرة فتح قلبها لها...
و في أحد الأيام..
كانت سارة تجلس مع هدى في شرفة المنزل بعد أن انزلها عاصم صباحاً قبل أن يغادر لعمله.. كانتا جالستين في الشرفة التي اقنعتها أخيراً بالخروج إليها و لو لنصف ساعة فقط.. فقد خرجت هدى فقط من غرفتها و لكنها رفضت و بشدة الخروج خارج حدود المنزل حتى و لو للحديقة التي تقع داخل حدود سور منزلها حتى لا يراها أحد المارة عاجزة.
كانت هدى تتصفح أحد المواقع الاجتماعية و سارة تستمتع بحرارة الشمس الدافئة في اخر ذلك اليوم البارد....
سارة(پغضب طفولي لطيف): لا ما انا مش عشان اقنعتك ترجعي تمسكي الموبايل و تشوفي احوال الدنيا إيه اللي انتي سايباها من 8 شهور.. تديني انا الصابونة.
هدى(ضحكت بمرح): ههههههههه.. صابونة؟! في دكتورة نفسية محترمة و كمان تعليم امريكاني زيك كدة تقول اديكي الصابونة.
سارة(ضحكت بدورها): ههههههههه.. و انا اعملك إيه؟ ما انتي مطنشاني من ساعة ما قعدنا و ماقولتيش كلمتين على بعض.. و بعدين انتي هاتعملي زى آسر اخويا.. دايما يقولي كدة..
هدى: و بيقولك ايه اخوكي؟؟
سارة: دايما يقولي أمريكية تربية شبرا.. و بعدين ما انتو اللي بتستفزوني.. الله!!
هدى: هو شكله ايه آسر اخوكي دة.. انتي دايما تكلميني عنه و بتقولي أنه بيعاملك زي بنته مش أخته بس.. لكن عمرك ما ورتيني صورته.
سارة(و هي تعطيها هاتفها): خدى قلبي في الصور اللي هنا هاتلاقيله صور كتير معايا.. بس ماتركزيش فيها اوي عشان اكيد هتلاقي فيها شوية صور هبلة يعني.
بس اصلا مش هاتشوفي جديد.. اصل احنا شبه بعض جدا.. هو كمان عنيه خضرا و شعره اصفر.
هدى(نظرت لها بخبث): سارة.. انا مشلۏلة مش عامية.
سارة(تصنعت المفاجأة): ايه دة صحيح... خلاص بقى عديها.
ضحكتا معا على خفة ظل سارة ثم اخذت هدى منها الهاتف و اخذت تقلب فيه حتى وجدت ضالتها.. وجدت بعض الصور التي تجمعها برجل وسيم للغاية.. و لكنه يشبه أخته بالفعل..
فشعره الاسود و عيناه الكحيلة زادا من وسامة ملامحه.. ظلت تنظر له و تشاهد صورهم معاً لبضع دقائق...
هدى: مش معقول.. دة انتو شبه بعض جدا.
سارة: اخس عليكي.. بقى انا مناخيري مخنشرة و طول الدولاب كدة.
هدى(ضحكت): ههههههههه.. مش قصدي.. بس فعلا ملامحكم قريبة من بعض اوي.. شعركم نفس اللون و عنيكم شبه بعض جدا..
سارة: طيب خليها في سرك احسن كدة مش هلاقي حد يتجوزني و انا شبه اخويا كدة.
صمتت هدى لبضع ثوان تستوعب ما قالته.. تريد الزواج؟؟ كيف ذلك.. هل نسيت ما حدث لها من وراء الحب و الارتباط.. فكرت قليلاً قبل أن تسأل سارة بتوجس...
هدى(بتلعثم): هو.. هـ.. هو انتي ناوية تتجوزي يا سارة؟؟
سارة: طبعا يا بنتي.. امال هاعيش سنجل بائسة كدة ولا ايه؟؟ فجلة انا عشان ماتجوزش؟؟ و بعدين ماتجوزش ليه يعني.. ناقصة ايد ولا رجل.. دي حتة عين صغننة جدا.. ما تأثرش في حاجة يعني.
هدى: لا مش قصدي.. قصدي يعني بعد اللي حصل من خطيبك.. هاتقدري تحبي تاني و ترتبطي تاني.. هاتأمني لحد تاني على قلبك ازاي؟؟
سارة: طبعا.. ما يمكن ربنا عمل كل دة عشان يكشفه قدامي.. خلاه يخوني دلوقتي قبل ما اتدبس و اتجوزه و اكتشف بلاويه دي بعد الجواز.
هدى: طيب و عنيكي..
سارة: عنيا كدة كدة هاتخف.. لو مش دلوقتي فهاتخف بعدين.. و حتى لو ما خفتش مش هاوقف حياتي عليها و مسيري الاقي اللي يحبني كدة من غير عنيا.. مش فارقة معايا اوي يعني.
و بعدين مش يمكن دي هي اللي تخليني الاقي الحد اللي يحبني بجد حب حقيقي مش مزيف.
هدى: ازاي؟؟
سارة: تخيلي كدة أن في حد يحبني و انا عامية مش بشوف.. هايكون بيحبني قد ايه.. أن حتى موضوع عنيا يكون مش فارق معاه.
هدى: و لما هي مش فارقة معاكي.. ليه فارق معاكم عجزي انا.. ليه كلكم مصرين تعالجوني بالعافية.
سارة(بنبرة حانية): عشان انتي شفاكي في ايدك.. سهل انك تحاولي تتعالجي و أن شاء الله تخفي.. إنما أنا عجزي ڠصب عني.. خارج عن إرادتي..
كمان انا راضية بنصيبي و مؤمنة بربنا و قضائه و قدره.. لكن انتي مستسلمة و دي تفرق كتير اوي يا هدى صدقيني..
صدقيني يا هدى انا لو في أيدي ارجع عنيا تاني هانحت في الصخر عشان اعمل كدة.. أو انا بعمل كدة فعلا..
هدى: إزاي؟؟
سارة: باخد أدوية السيولة بتاعتي و بعمل المساچ اللي الدكتور علمهولي عشان أحاول احرك التجمع الدموي دة من مكانه..
و كمان انا و اهلي حاولنا نسأل على التدخل الجراحي بس للأسف طلع اختيار فيه خطۏرة و نتيجته مش مضمونة.
عرفتي بقى ان انا موضوعي معقد و أن موضوعك انتي اسهل بكتير؟
أنهت سارة حديثها لتصمت هدى أيضاً و هي تفكر في حديث سارة حتى سمعت صوت هاتفها يعلن عن إشعار جديد من الـ facebook.. فتحته فجحظت عينيها و كتمت شهقتها التي انتبهت لها سارة و سألتها بقلق...
سارة: هدى.. فيه ايه مالك..
هدى: .........
سارة: هدي.. في ايه.. حصل حاجة؟؟
هدي: اتجوز.. اتجوز يا سارة خلاص.
سارة: هو مين دة؟؟
هدي: خطيبي.. خطيبي اتجوز من يومين و منزل صور فرحه على الفيس كمان.
سارة: طيب و إيه يعني؟ ماهو كان مسيره يتجوز.. صدقيني يا هدى انتي لازم تحمدي ربنا أنه بينهولك على حقيقته.. و تدعي للغلبانة اللي اتدبست فيه دي.
هدى: ادعي لها.. ادعي لمين؟ دي نورا.. نورا اعز اصحابي.
سارة(باندهاش): اعز اصحابك؟ ازاي؟
هدى: زميلتي من و احنا في اعدادي.. مافرقتنيش يوم واحد.. انا دخلت فنون جميلة و هي دخلت اداب.. كنا كل ما نتجمع هنا في البلد ما نفارقش بعض غير على النوم.. طول النهار مع بعض..
لكن... لكن هي من ساعة ما عملت الحاډثة و رجعت البيت هنا مازارتنيش غير مرتين تلاتة.. و فجأة قطعت زياراتها.. اتصلت بيها انا كام مرة عشان تيجي تقعد معايا شوية و كانت كل مرة بحجة..
مرة تعبانة و مرة مسافرة مش عارفة عند مين.. و مرة خرجت مع امها.. لحد ما بطلت اطلبها خالص.. و اتاريها بتتهرب مني عشان اتخطبت لخطيبي..
(تسائلت پألم) مالقيتش غيره.. ماكنش فيه غيره يا سارة؟؟
سارة: اهدي يا هدي.. اهدي يا حبيبتي.. صدقيني انتي ربنا بيحبك عشان كشفهوملك على حقيقتهم.. الاتنين اندال و ماينفعش ټندمي عليهم..
و صدقيني ربنا شايلك نصيبك اللي هايعوضك عن كل حاجة وحشة حصلت.. و هايعوضك عن كل احساس وحش حستيه..
هدي: انا عايزة ابقى لوحدي لو سمحتي.
سارة: حاضر.. بس هاقولك كلمتين قبل ما اخرج.. انتي طبعا عندك حق انك تزعلي و تتوجعي براحتك و تاخدي وقتك في الحزن كمان.. بس بمجرد الوقت دة ما ينتهي عايزاكي تقفلي الصفحة دي من حياتك نهائي و تولعي فيها كمان.
هاسيبك و اجيلك بعدين.. و مش هاخلي حد يقرب من البلكونة دي لحد ما تخرجي.. و اوعدك مش هادخل الا لو انتي سمحتيلي.. بس عايزاكي تفتكري حاجة مهمة اوي..
إن اكتر اتنين انتي زعلانة منهم في حياتك كلها و موقفة حياتك عشانهم حياتهم ماشية و ماشية كويس اوي.. ماينفعش انتي بقى توقفي حياتك عشان ناس انتي مش فارقة معاهم اصلا.. فكري في الناس اللي انت جزء مهم اوي من حياتهم.
لازم تبقي قوية.. لازم تبقى متماسكة.. مافيش مانع ننهار شوية.. لكن بعد الاڼهيار.. لازم نرجع اقوى من الاول.. عن إذنك.
ثم تركتها سارة في دوامة أفكارها و حزنها.. خطيبها الشخص الوحيد الذي أحبته.. أحبته بصدق و لكنه تركها في عز مرضها تركها في ظل اكبر و اصعب أزمة يمكن أن تمر بأي شخص..
لم يرق قلبه لها و لحالتها النفسية أو الصحية حتى يؤجل انفصاله عنها لبعد أن تُشفى.. بل ركض بعيداً هرب مثل ما قالت سارة و تركها في منتصف الطريق..
كان أناني و ضعيف.. لم يستطع أن يتحمل مسئوليه حبه لها.. فتركها.
و صديقتها الوحيدة التي اعتبرتها كأخت لم تلدها أمها.. تركتها أيضاً و تزوجت خطيبها.. لماذا.. لماذا هو تحديداً.. الم يكن أمامها غيره.. ام أنها كانت تريده هو من الأصل..
و هنا تذكرت هدى كل خلاف كان يقع بينها و بين خطيبها و تأتي صديقتها نورا لتحكي لها.. تذكرت الان فقط أن نورا لم تحاول و لو لمرة واحدة أن توفق بينهما.. بل أنها كانت طوال الوقت تحاول أن تفرق بينهما.
كانت تزيد البنزين إلى ڼار خلافهم أكثر و أكثر.. تذكرت الأن نظرة الحقد التي كانت تفترش وجهها عندما تعرف أن حالهما جيدا أو أن خلاف انتهى بينهما..
ۏجع... قهر... ضعف... خذلان.. كان هذا ما شعرت به هدى و لم يكن علاج كل هذا سوى البكاء.. فأخذت تبكي بنحيب لمدة لا يعلمها الا الله..
خرجت سارة من غرفة هدى ليقابلها كل من عاصم و والدته الست هنية التي سألتها عن ابنتها..
هنية: ها يا سارة.. امال فين هدى.. ماطلعتش معاكي ليه.. دة الغدا خلاص جرب يچهز.
سارة: لا ماهي يمكن ما تقدرش تتغدى معانا النهاردة.
هنية(بقلق): ليه ايه اللي حصل؟؟
سارة: أصلها يعني عرفت كدة خبر مش كويس.. و ضايقها شوية.
هنية: خبر ايه عاد بس؟؟ دة احنا ما صدجنا أنها تخرچ و تعيش حياتها من تاني.. ايه اللي حُصل؟؟
سارة: أصلها يعني عرفت أن خطيبها اتجوز.
هنية(ضړب على صدرها پصدمة): يا مري..
عاصم(و الذي كان قد وصل تواً على كلمة سارة): و دي عرفتها منين الحكاية دي؟؟
سارة: أستاذ عاصم؟!!
هنية: تعالى يا ولدي الحقني..
عاصم: ماحدش چاوبني.. هدى عرفت منين حكاية چواز الزفت ده؟؟
سارة: من الفيس بوك..
عاصم: و هي من ميتى عاتفتح هي الفيس زفت ده؟ ما هي من ساعة الحاډثة ماعتمسكش تلفونها أصلا.. انتي ياما اللي عطيتها المحروج ده؟
هنية: لا يا ولدي وحياتك ما حُصل .
عاصم(بعصبية و حيرة): امال مين اللي عطاهولها بس؟؟
سارة(رفعت يدها بحرج): أنا.
الټفت لها عاصم بدهشة أو ڠضب.. أما هنية فضړبت على صدرها بقوة مما هو على وشك الحدوث.. فعاصم على وشك أن يفتك بتلك المسكينة فحاولت أن تقف بالقرب منها حتى تحميها من بطشه... اما هو فقد اخذ عدة ثوان حتى استوعب ما فعلت..
فهي لمرة أخرى تتسبب في إنهيار شقيقته و سوء حالتها.. فسألها بإستهجان...
عاصم: انتي؟؟ كيف يعني؟؟ انتي اللي جولتيلها تاخد تلفونها و تفتح الفيس؟؟
سارة: ايوة انا.
عاصم: و انتي كيف تعملي حاچة زي اكدة و من غير ماتجوليلي؟؟
سارة: حضرتك انا مش لازم اخد رأيك في كل حاجة بعملها مع هدى.. انا الدكتورة مش انت..
عاصم(بعصبية تكاد ترتقي للڠضب): دكتورة دكتورة.. ياخي فلجتينا بالدكتورة و كأن مافيش في الدنيا دكتورة غيرك.. و بعدين اني اخوها.. و مالكيش الحق انك تعملي اي حاجة من غير ما ترچعيلي الاول..
هنية: بالراحة يا عاصم مش أكده.. سارة اكيد ماكنتش تقصد.
عاصم (و هو على نفس درجة غضبه): تقصد ولا ماتقصدش.. انى اخوها و اني بس اللي اجول ايه اللي يُحصل و إيه اللي مايحصلش.
سارة(بحسم اكتر منه ڠضب): لا طبعا انا الدكتورة اللي متابعة حالتها في الوقت الحالي.. و انا بس اللي من حقي اقول ايه اللي المفروض يتعمل..
و لو حضرتك شايف أن وجودي هنا غلط زي ما سيادتك بتلمح كل شوية يبقى عادي جدا امشي و اتفضل بقى ورينا هاتعمل ايه مع اختك...
بس طبعا مع العلم أنك كنت معاها كأخ طول المدة اللي فاتت و ماحدش لاحظ اي تغيير على حالتها مع أنك كنت موجود جنبها و ملازمها 7/24.
Twenty four / seven.
قالتها بالانجليزية و هي متأكدة أنه سيفهمها بالطبع... ثم أكملت لتترجم للسيدة هنية...
سارة: أقصد طول اليوم يا ماما هنية..(ثم عادت توجه له الحديث) إنما بعد فضل ربنا انا قدرت أخرجها ترجع تاكل معاكم تاني و تسهر معاكم في سهرة أسرية كلها ضحك و حب.. رجعت لها ضحكتها من تاني اللي انتو ماكنتوش شوفتوها من شهور.. ولا ايه يا بشمهندس؟؟
هنية(سألت بترجي): بس هي ماكنش لازمن تعرف الخبر ده..
سارة: ليه لا؟؟
هنية: عشان ماتتعبش.
سارة: و مين قال إنها هاتتعب.. و مين في الدنيا مش تعبان يا ماما هنية.. كلنا تعبانين لكن بنقدر نتخطى تعبنا.. بنقدر نعديه.
هدى كمان لازم تتعلم تواجه اي حاجة تتعبها أو توجعها.. لازم تتعلم أنها تتغلب على اي حاجة وحشة ممكن تحصل لها و لوحدها..
ماينفعش تفضلو تدارو عليها اللي ممكن يوجعها.. لازم تعرف و تتوجع و تواجه.
هنية: طيب و ليه بس من الاول..
سارة: لان الدنيا مش دايما وردي يا ماما هنية.. زي ما فيها الكويس فيها الۏحش.. و زي ما فيها الحلو فيها المر... و يمكن الۏحش و المر اكتر من الحلو.. هدى لازم تتعلم تواجه كل دة لوحدها.
عاصم: و احنا دورنا ايه بقى لما هانسيبها تتعرض لأي حاجة تضايقها.
سارة(بتقرير): دورنا نقف جنبها.. نخفف عنها إنما مش أننا نحميها من أي حاجة و كل حاجة كدة.. كدة احنا بنلغي هدى بنلغي شخصيتها بنخليها شخص اعتمادي.. شخص مابيعملش اي حاجة لوحدة.. شخص جبان بېخاف من أي حاجة و دة غلط..
و اعتقد من المدة اللي قعدتها هنا و الشوط الكبير اللي مشيته معاها انكم المفروض تثقو فيا اكتر من كدة.
لم ينطق لسانه فهو يعلم كل ذلك و لكنه لم يكن يريد لهدى أن تعلم هذا الخبر على الاطلاق.. فهو يعلم جيداً كم كانت تحب هذا الاحمق الجبان الذي تركها.. كم عانت بعد أن تركها فهو سببا رئيسياً في حالتها تلك..
عندما طال صمته حاولت والدته أن تنهي هذه المناقشة التي لربما تجعل سارة تنهي مهمتها و تعود للقاهرة و لن يلومها أحد.. فعاصم يعاملها معاملة سيئة للغاية.. فمن أجل مصلحة ابنتها ستتحدث...
هنية: طبعا يا سارة يا بتي.. بنوثج فيكي جوي جوي كمان امال ايه.. انتي الوحيدة اللي جدرتي تغيري في حالها كتير.. ماتزعليش من عاصم يا بتي هو بس خاېف على هدى.. زينا كلنا.
سارة: مش زعلانة يا ماما.. بس حبيت اوضح الأمور.. عن اذنك.
هنية: على فين بس يابتي دة احنا هانتغدو خلاص.
سارة: معلش بألف هنا انتو.. انا ماليش نفس.. بعد اذنك.
استأذنت منها هي فقط و لم تعيره اي انتباه و كأنه لم يكن موجوداً بالأصل.. تركتهما و خرجت.. فهي قد سأمت من اتهاماته لها بالتقصير و بأنها دائما تتعمد أن ټؤذي هدى و هذا بالطبع غير صحيح..
فدائماً ما يكون الدواء مراً و لكنه يريد أن يكون دواءها حلواً و هذا صعب.. تعلم سارة خوفه على شقيقته الوحيدة و تقدره أيضاً... و لكن دلاله المبالغ فيه لها قد يعطل علاجها و هي بالفعل قد قطعت شوطاً كبيراً في علاجها ولا تريد أن تخسر ما وصلت له..
و من وجهة نظرها الطريقة الوحيدة لذلك هو أن تجعل هدى تعتمد على نفسها مرة أخرى.. فلا يجب أن تخفي عنها خبر كهذا بالرغم من أن لم يكن لسارة اي يد في معرفة هدى لذلك الخبر.. و لكنها خطوة عظيمة حتى تعتمد على نفسها مرة أخرى..
فرصة لها لكي تدرك أن من ترفض العلاج من أجلهم يعيشون حيواتهم بكل ما فيها.. يحبون و يتزوجون دون أن يعيروها اي اهتمام...
نظرت هنية لولدها... ذلك العصبي الذي أصبح مؤخراً لا يطيق الحديث مع أحد.. ربما بعد طلاقه.. لا فقد كان هادئاً عطوفاً كما هو و لكن منذ وصول سارة و تحول لشخص آخر.. سارة الوحيدة التي يعاملها بتلك الطريقة الفظة السيئة... فنظرت له بحزم و قالت پغضب...
هنية: ايه يا عاصم.. ماعتبطلش طريجتك دي مع سارة؟؟ عملتلك ايه هي البنية تخليك تعاملها إكده؟؟
عاصم: ياما اسمعيني بس...
هنية(قاطعته بقسۏة يراها منها لاول مرة): لا.. انت اللي تسمعني و تسمعني زين.. اني كنت بسكت لما ابوك بيتحددت معاك لما بتزعلها.. إنما لا بكفاية اكدة.. البت من يوم ما رجلها خطت الدار اهنه ماشوفناش منها حاجة عفشة..
متربية زين اخلاجها كيف الچنيه الدهب.. بتتعامل معانا كيف ما نكونو أهلها... خيتك اللي انت محموج عليها جوي سارة هي الوحيدة اللي عرفت تخرچها من وحدتها اللي كانت بتاكل فيها يا حبة عيني..
خلتنا نتلمو من تاني على سفرة واحدة.. و اني مش هاسمحلك يا عاصم انك تطفشها فاهم.. مش هاسمحلك تهد اللي هي عملته عشان حاچات اني مش عارفاها.. فاهم..
لم تنتظر رده ولا اعتذاره.. تركته و خرجت.. تركته لعقله الذي أخذ يؤنبه مع ضميره على معاملته الجافة بل و القاسېة لها.. ظل يعاند ضميره ام يا ترى هو قلبه الذي ظل يأمره بالخروج إليها و الاعتذار منها و مراضاتها بأي طريقة.. فهي إنسانة رقيقة بحق ولا تستحق منه تلك المعاملة أبداً..
=================================
و بعدين معاك يا عاصم..
بتحبها ولا لا..
بتثق فيها ولا خاېف منها ...
ارسى على بر...
يا ترى عاصم بيعمل كل دة ليه...
الفصل العاشر...
تركت هنية عاصم في حيرة من أمره.. فلم يعد يعرف نفسه بعد الأن معها.. فكل أفكاره تذهب مع عقله إلى مكان مجهول حينما يتعلق الموضوع بها..
لا يشك بها مطلقاً و لكن عقله أصبح يتصرف بغرابة مطلقة معها...
ظل يفكر و يفكر على أمل أن يهتدي عقله و قلبه إلى بر من ذلك البحر الذي يغرق فيه...
أما سارة..
فقد توجهت لمقصورتها و ظلت بها... كانت تشعر بالضيق الشديد من موقف عاصم... اكتفت هي من اختلاق الأعذار له..
تعلم أنها شقيقته الوحيدة التي يحبها بل يعشقها.. و لكنه يعيق عملها.. يعيق تقدمها في علاج هدى.. حبه الشديد لها سوف يكون بمثابة العائق الوحيد لتقدمها..
تعلق هدى به أيضاً هو ما يعيقها و يمنعها من تقبل فكرة العلاج الفيزيائي الذي سوف يؤهلها لأن تعود و تقف على ساقيها مرة أخرى..
ناهيك عن ثقته بها التي تتأرجح بين انه يثق بها و بعقلها و بقرارتها و بين هل يثق بها من الأصل ام لا..
على الرغم من خبرتها التي لا بأس بها في مجال علم النفس.. إلا أن شخصية عاصم تحديداً تثير حيرتها بشكل مبالغ فيه..
فهو احياناً شخص لطيف مرح ضحوك و حلو الصحبة.. لا يُمل من صحبته.. حتى أن سارة نفسها تحب حديثها معه الذي غالباً ما يكون حديث متحضراً مثقفاً يُظهره كشخص مثقف متفتح..
و لكن حاله ينقلب في أقل من دقيقة و يتحول فجأة لذلك الھمجي الذي لا يعرف كيف يتعامل مع البشر بشكل طبيعي و بلا سبب مقنع..
ظلت تفكر في طريقة أخرى حتى تكسب ثقة عاصم كطبيبة و تجعل من حبه لشقيقته عامل مساعد بل و محفذ لشفاء هدى و تناست مشاعرها تجاهه و حاولت أن تفكر فيه كشخصية غريبة استفزت طبيبة.
قاطع تفكيرها و شرودها طرقات خفيفة على بابها.. هتفت من مقعدها و هي تقول..
سارة: ادخلي يا فاطمة.. الباب مفتوح.
عاصم: أنا.. انا مش فاطمة يا سارة.. أنا عاصم.
تنهدت بتعب و شبه يأس منه ثم أطلقت زفيراً حاداً حتى تهدئ أعصابها.. فهي تحتاج أن تكسبه لصفها حتى يساعدها في مهمتها قبل ان تكسبه كحبيب حسب المشاعر التي تشعر بها منه... رغم تقلباته تلك.. قامت و اتجهت للباب لتفتحه و هي تقول بطريقة رسمية..
سارة: اتفضل يا استاذ عاصم.
عاصم(تعجب و لكنه يعلم أنها غاضبة منه و هي على حق): من امتى بتقوليلي استاذ دي.. مش كنا اتفقنا أننا أصحاب و أننا نشيل الرسميات دي..
سارة: دة لما كنت فاكرة أننا أصحاب فعلاً و أن في بينا حتة ثقة حتى لو كانت صغيرة جداً.. لكن طبعا من الواضح أن مافيش اي ثقة فيا خالص.
عاصم: ليه بتقولي كدة يا سارة.. انا بثق فيكي طبعا.. انا بس كل الحكاية اني..
سارة(مقاطعة): كل الحكاية انك مش بتثق فيا.. و تقريباً بقيت پتخاف على اختك مني.. مالهاش تفسير تاني صدقني.. صح.
عاصم(و صعد أول درجة من درجات تلك المقصورة و اصبح يفصل بينهما درجة واحدة فقط): لا مش صح.. مش صح ابدا يا سارة.. بس انا لما عرفت بجواز الزفت دة و من اعز صحابها كمان ماكنتش عايزها هي تعرف.. كنت عارف ان خبر زي دة هايكسرها و يوجعها..
كنت خاېف عليها يا سارة من إن قلبها ينكسر مرة تانية.. كسرة القلب وحشة.. وحشة اوي يا سارة...
و هو كسر قلبها مرة و لسة ۏجعاها لحد دلوقتي و مش عايزه يوجعها تاني..
إذا كنت انا اتصدنت لما عرفت و ضايقت و اتوجعت من الخبر اومال هي لو عرفت بالخير دة هايعمل فيها ايه..
صمتت سارة احتراماً لمشاعره بينما كان هو يتأملها بتفحص.. لأول مرة يكون أمامها بهذا القرب.. تجولت انظاره حول وجهها بحرية و رسمت عيناه ملامحها بتمهل..
عيناها السوداء و رموشها الكثيفة..
حاجبيها اللذان يكملان تلك الرسمة الهندسية الخاطفة..
أنفها المدقوق بحرفية ربانية رائعة..
جبهتها العريضة البيضاء و تلك الغرة السوداء التي تغطيها..
وجنتيها الورديتيان بدون مساحيق تجميل ..
ثم أخيراً فمها و شفتيها الكريزية المكتنزة التي يريد أن ينفرد بهما بعيدا عن العالم بأسره..
مهلا.. فيما يفكر.. ايحلم بها.. بشفتيها؟؟ بعينيها؟؟ ايعقل؟؟
أفاقته هي من شروده و صمته الذي طال و قالت...
سارة: استاذ عاصم.. انت سكتت ليه؟؟
عاد عاصم لوعيه و تنحنح حتى يُخرج نفسه من نوبة الحب التي داهمته و أجابها...
عاصم: احمم... لا مافيش حاجة.
سارة: طيب في حاجة معينة تاني انت عايزها يا استاذ عاصم؟؟
عاصم: برضه استاذ؟؟! تبقي لسة زعلانة مني.
سارة: لا مش زعلانة..
عاصم(ابتسم بحب): لا زعلانة..
سارة(و تعمدت أن تجعل ملامحها غاضبة): طيب زعلانة.. اتفضل بقى و سيبني ازعل براحتي.
عاصم(بضحكة رجولية جذابة): ههههههههه... لا و ڠضبانة كمان؟؟
سارة(عقد ذراعيها كالاطفال): ايوة.
عاصم(أكمل ضحكه و فرحته بها و بشكلها الطفولي حالياً وقال بترجي): طيب ممكن الدكتورة سارة تتكرم و تتعطف و تتنازل و تسمحلي اصالحها..
سارة(حاولت كبت ابتسامتها و لكنه لاحظها بالطبع): احمم... كل دة؟؟ يهمك زعلي اوي يعني؟؟
عاصم: اكتر مما تتخيلي.
سارة: طيب و انا موافقة اصالحك.. بس بشرط.
عاصم(و قد عاد للهجته الصعيدية): واه واه واه... و عاتتشرطي كمان...
سارة: خلاص بلاش..
همت أن تتركه و تدخل لداخل مقصورتها و لكنه أمسك بيدها سريعاً و في تلك اللحظة توقف الزمن.. انتفض قلبه بداخل صدره و هو ېصرخ بنبضات جديدة عليه.. نغمة جديدة عليه و يشعر بها لأول مرة.
اما هي فلأول مرة تشعر بتلك القشعريرة في سائر جسدها.. تشعر بكهرباء لذيذة تسري بجميع خلاياها.. توقفت حركتها بشكل لا إرادي منها لم تقف سوى لأن لمسته جمدت أعصابها بمكانها..
عاصم(بنبرة حانية لأول مرة ينطق بها و لأول مرة تسمعها هي منه): لا مش بلاش.. قولي و اتشرطي زي ما انتي عايزة يا سارة.
سارة(و قد توهجت وجنتاها خجلاً): و هاتوافق؟؟
عاصم: انا موافق على أي حاجة انتي عايزاها يا سارة.. بس ترضي عني .
سارة(بحرج): احم.. طيب ممكن تسيب أيدي.
عاصم(تنحنح بحرج أيضاً): احمم.. اسف معلش ماخدتش بالي اني لسة ماسكها.
سارة: طيب خلاص.. حصل خير.
عاصم: ها ايه شرطك بقى؟؟
سارة: و هاتنفذه؟
عاصم: هانفذه.
سارة: من غير نقاش و مناقرة؟؟
عاصم: من غير نقاش ولا مناقرة.
سارة: ولا ۏجع قلب.
عاصم: سلامتك الف سلامة من ۏجع القلب.
قالها بصدق رهيب وصل لقلبها دون اي عوائق... فقالت هي حتى تنهي ذلك التوتر بينهما ..
سارة: طيب.. شريط ان انت تفضي نفسك بكرة طول اليوم و تخرجني انا و هدى نشتري شوية حاجات.
عاصم: اخرجكم... اخرجكم فين و تشترو ايه؟؟
سارة: مش مهم فين اي حتة.. و مش مهم هانشتري ايه.. ممكن نشتري مكياج.. لبس.. شنط.. جزم اي حاجة.. انشالله قرطاسين لب سوري حتى.
عاصم: ههههههههه... لب سوري!! جبتيها منين دي عايز افهم؟؟
و بعدين لما المكان مش مهم و حتى اللي هاتشتروه مش مهم.. لازمتها ايه الخروجة؟؟
سارة: لازمتها أن هدى تخرج برة البيت دة اللي ماخرجتش منه من ساعة ما رجعت من المستشفي غير عشان ترجع للمستشفى تاني او تروح للدكتور.. لازمته انها تشوف الدنيا اللي هي حارمة نفسها منها بإرادتها..
لازمتها تشوف و تحس هي حارمة نفسها من ايه.
عاصم: و هينفع بكرة.. قصدي يعني بعد خبر النهاردة هاتقدر تخرج منه امتى؟؟
سارة: من خبرتي المتواضعة اقدر اقول ان هدى مش هاتفضل مصډومة كتير.. بالعكس انا اعتقد هاتلم چروحها بصورة أسرع مما تتصور.. و بكرة تشوف و تقول سارة قالت.
عاصم: و انا متأكد من رأيك.. ممكن بقى تيجي تتغدي احسن الست هنية ڠضبانة عليا عشان زعلتك و مش راضية تأكلني الا لما اصالحك.
سارة: قول كدة بقى.. يعني انت جاي تصالحني عشان جعان و عشان ماما هنية هي اللي أصرت انك تصالحني عشان ترضى عليك و تأكلك... مش جاي تصالحني من نفسك يعني
عاصم(سريعاً): لا والله مش قصدي كدة.. بس هي زعلت على زعلك..
سارة(و هي تدفعه بعيداً عن الباب): طيب اوعي كدة انا هاروح لماما هنية اقولها انك ماصلحتنيش و خليك جعان بقى..
عاصم: يا سارة استني بس..
و سار خلفها يحاول أن يقنعها أنه أراد أن يراضيها بنفسه و لكنها أصرت على موقفها و طلبت الحاج عبد الرحمن كحكم بينهما و الذي وقف في صفها بالطبع ضد ابنه كالعادة...
=================================
اما هدى...
فظلت تبكي حبها و صديقتها الوحيدة..
تبكي حبها و لم تبكي حبيبها.. فهي علمت عنه جبنه و أنه شخص لا يُعتمد عليه.. خائڼ تركها في أشد احتياجها إليه.. و لم يكتفي بذلك بل إنه نساها و رماها من حياته نهائياً و كأنها لم تكن بها أصلا..
أيضاً لم تكن تبكي صديقتها بل كانت تبكي سذاجتها في اختيارها لصديقة خائڼة.. لم تلاحظ خلقها و هي توقع بينهما.. كانت تبعدها عنه بحجج ليست حقيقية كانت تقول لها انها تستحق من هو افضل منه.. تستحق من يعطيها وزنها ذهباً.
كانت توسوس في أذنها بأنها جميلة و من عائلة عريقة كبيرة غنية تستحق نفس الحياة و نفس المستوى المادي.. كانت تصر عليها حتى تطلب منه أكثر من طاقته..
لكن هدى كانت عاقلة و لم تسمع لحديثها دائماً.. إلا أن خطيبها كان يشعر بما تريده صديقتها مما جعله يشعر بعدم الثقة..
و لكن الحاډث و ما مرت به هدى جعله يفكر أكثر في الانفصال... و كأي شخص نذل تصور أن معه الحق في أن يتركها بما انها فقدت ساقيها..
و من ناحية أخرى تذهب له لتقول له أنه يستحق من هي افضل منها.. يستحق من تريحه و ترحمه من طلباتها الكثيرة التي تثقل كاهله.. و بالفعل اقتنع بما تقول.. و تحولت نظرات الحب التي كان ينظرها لهدى بنظرات حقد و ربما كره..
و بعد الحاډث.. تقربت منه أكثر حتى ترك هدى و ارتبط بها...و ها هما قد تزوجا منذ يومين...
و بعد تفكير كبير قررت أن سارة محقة فيما قالت فيكفي ما مر من وقت... يكفي ما فات من عمرك يا هدى... فقد مر حوالي 8 أشهر توقفت فيهم حياتك ...
اما الان فقد قررت أن تتخلص مما هي فيه.. لابد أن تعود هدى.. هدى المرحة النشيطة التي لم يقف أمامها اي عائق يمكن ان يمنعها عما كانت تريد تحقيقه..
أخذت قرارها و خرجت من الشرفة لتجدهم مجتمعين يتناولون القهوة بعد الغداء.. تطلع لها الجميع و لوجهها المتورم و عيناها الحمراء المنتفخة من آثار البكاء... أول من ركضت إليها كانت والدتها..
هنية: هدى يا حبيبتي كيفك يا ضي عيني..
هدى: كويسة يا ماما..
(ثم نظرت لعاصم و والدها)بابا.. عاصم أنا اخدت قرار مهم و كنت عايزة اخد رأيكم فيه.
عبد الرحمن(باهتمام): خير يا بتي
هدى: انا قررت اتعالج..
=================================
عمت الفرحة داخل قلوب الجميع بقرار هدى المفاجئ بعلاجها..
و بعد يوم طويل من العمل لكل من بالمنزل كل في مجاله.. و حديث طويل لم ينقطع عن خطوات علاج هدى كما طلبت من اختيار طبيب مناسب و جيد و ما إلى ذلك..
اجتمع جميعهم على طاولة العشاء يتناولون طعامهم في جو أسري جميل ليس به اغراب حتى سارة نفسها فقد اعتبرها الجميع واحدة من أفراد هذه الأسرة خاصة بعد أن نجحت في مهمتها و أن تقرر هدى أن تخضع للعلاج بكامل إرادتها...
سارة: بس انا بقى زهقت.
عبد الرحمن: زهجتي منينا اياك.
سارة: و انا أقدر برضه يا حاج عبده يا عسل انت.
هنية(بضحك): يووه جاتك ايه سارة.. امال ايه اللي مزهجك..
سارة: القاعدة في البيت.. يعني انا بقالي يجي 3 شهور ولا اكتر قاعدة في سوهاج.. بلد المواويل على رأي داليدا الله يرحمها و ماشوفتش ولا موال واحد.. ايه هي كانت بتضحك علينا ولا ايه؟
عبد الرحمن(بضحك): ههههههههه.. لا ماكنتش بتضحك عليكم ولا حاچة.. هو في زي سوهاج و چمالها.. ولا الجاعدة على نيلها.. بالدنيا كلها.
سارة: ايوة يا حاج عبده.. دة الموضوع شكله كبير اوي و فيه جنس ناعم.. شكلك حبّيب قديم.
عبد الرحمن: يا بت اتحشمي يابت انتي.. و بعدين ايوة.. حبّيب جديم جوي كمان.. ولا ايه يا ام عاصم.
هنية(ضحكت بخجل): يووه.. ماتكسفنيش يا حاج امال جدام العيال.
عاصم: ههههههههه..انا من رأيي تطلعو تنامو بجي.. سهرتو كتير انتو النهاردة..
هنية: اختشي يا واد.
سارة: بس بس.. فككو من الخلاف الأسري الجميل دة.. انا عايزة اخرج... عايزة اشوف البلد دي.
عاصم: و اني مستعد اخرچك و افرچك سوهاچ كلياتها.. من اولها لاخرها.. بس جولي مېته.
سارة(بفرحة حقيقية و كأنها لم تخطط لذلك مسبقاً معه): بجد؟؟ ايه رايك في بكرة.. ايه رأيك يا هدى؟؟
هدى: و انا مالي هو انا اللي هاخرج؟؟
سارة: اومال مين اللي هايخرج معايا يعني... ما انا اكيد مش هاخرج اتفسح من غيرك.. أمال هارغي و الكـلك مع مين يعني أنا..
و بعدين اعتقد ان هنا في الصعيد ماينفعش اتنين يخرجو مع بعض لوحدهم زي انا و عاصم كدة.. ولا ايه يا جماعة؟؟ ولا ينفع يا حاج عبده.
عبد الرحمن: لا طبعا مايصحش.. خلاص يا هدى بجى.. دي صاحبتك و ضيفتك و عايزة تتفسح في البلد.. و هي حجيجي محپوسة هنا في الدوار من ساعة ما وصلت.
هدى: ايوة بس...
قاطعتها سارة قبل أن تذكر مشكلتها مع الخروج و نظرة الناس لها و هي تجلس على كرسيها المدولب..
سارة(مقاطعة برجاء): عشان خاطري يا هدى توافقي.. اديكي شوفتي مش هينفع نخرج من غيرك.. وافقي بقى عشان خاطري عشان خاطري.
عاصم: وافجي يا هدى و ليكي عليا اوضبلك خروجة من بتوع زمان..
هدى(بتردد و لكن تحت إلحاح الجميع): خلاص موافقة.
سارة(بفرحة و حماس): Yes.. ينفع بكرة يا استاذ عاصم؟؟
عاصم: ينفع جوي.. خلاص بكرة هافسحكم فسحة تحلفو بيها.
هللت سارة من سعادتها ليس بسبب النزهة و لكن لانها نجحت في خطتها مرة اخرى... و بعد قليل أتى حسان.. حسان هو الغفير الوحيد المخول له الدخول للمنزل دوناً عن أي غفير أخر حفظاً لحرمة المنزل.. دخل إلى مجلسهم و هو يقول..
حسان: بلامواخذة يا حضرة العمدة.
عبد الرحمن: ايه يا حسان في ايه..
حسان: اصل في واحد برة عايسأل على ست الضاكتورة..
سارة: بيسأل عليا انا؟؟
حسان: ايوة يا ستنا.
عاصم(بتعجب شديد و شبه ڠضب ظهر في ملامحه): واحد مين ده؟؟
حسان: مارضيش يجول هو مين؟
عبد الرحمن: طيب خليه يدخل لما نشوف مين دة و عايز ايه؟؟
نهضت سارة لتستقبل ضيفها الغير منتظر و نهض معها عاصم تلقائياً.. ابتعدت خطوتين عن مجلسهم و اقتربت من الباب.. حتى دخل حسان و معه ضيف غريب و لكن هدى عرفته على الفور ..
حسان: الضيف يا عاصم بيه..
الضيف: مساء الخير يا جماعة.. اسف اني جيت من غير ميعاد ولا استئذان.. ازيك يا سارة.. وحشتيني.
ما أن سمعت صوته حتى ركضت نحوه بسرعة تعجب منها الجميع.. فهي دائماً تسير بتأني و تركيز شديد حتى لا تصطدم بشئ و لكنها الآن تركض...
و لما لا فهو آسر شقيقها الذي سيحميها من أي أذى يمكن أن تتعرض له..
سارة(ركضت بسعادة غامرة): مش معقول..
ركضت إليه لتستقر بين أحضانه التي افتقدتها و بشدة.. ظلت طويلاً..
اما آسر فما أن تحركت نحوه حتى ركض إليها بدوره و التقطها بأحضانه و حملها و دار بها عدة مرات و هو يقول..
آسر: وحشتيني.. وحشتيني يا بنت اللذينا..
سارة: انت واحشني اكتر يا حبيبي.. عامل ايه و عرفت مكاني منين..
آسر: دي حكاية طويلة بقى احكيهالك بعدين.
عاصم(و الغيرة و الڠضب يتراقصان في صوته): مش تعرفينها مين الأستاذ يا دكتورة.. ولا هو اي حد يدخل ياخدك بالاحضان أكده عادي يعني.
آسر (بتعجب و ڠضب من طريقته التي يشوبها اتهام صريح لأخلاق شقيقته): و انت مين و بتسال ليه اصلا.. انت مالك؟
عاصم: لا مالي و نص يا استاذ انت.. انى صاحب البيت اللي الآنسة جاعدة فيه و اللي بيحصل ده مايصحش..
آسر: و دة مايديلكش الحق انك تتحكم فيها ولا في ضيوفها و خصوصاً اني كدة كدة هاقعد معاها في بيتها اللي جايباه معاها مش في بيتك.
عاصم(بتعجب من وقاحته): كمان.. صحيح اللي اختشو ماټو..
سارة: آسر كفاية.. و انت يا استاذ عاصم ارحمني من تسرعك و حكمك المتهور دة شوية..
عاصم: شوية لحد مېته أن شاء الله لحد ما تدخلو تنامو مع بعضيكم في الكراڤان ولا ايه؟؟ ما تجول حاجة يابوي.
آسر: لا بقى دة كدة كتير اوي.
هدى: يا عاصم أهدى شوية.. دة الباشمهندس آسر اخوها..
عاصم(پصدمة): اخوها؟؟
سارة: ايوة.. اتفضل بقى.
عاصم(تلعثم بخجل): اا.. اتفضل اعمل ايه؟؟
سارة: اعتذر ياللا.. ما انت تعك الدنيا و تيجي تقولي بلامواخذة.. صُح؟؟
قالتها باللهجة الصعيدي و هي تقلده حتى تخفف من حدة الموقف فيقول هو بخزي..
عاصم: بلامواخذة.
سارة( لأخيها): شوفت.. مابيعرفش يقول غيرها أصلا.
عبد الرحمن: ما تاخذناش يابني.. ماتزعليش يا سارة.. بس يعني...
سارة: مش زعلانة يا حاج عبده.. حصل خير.. عادته يعني ولا هايشتريها.. و آسر كمان اكيد مش زعلان..
آسر: حصل خير يا حاج.. بس المفروض نفكر الاول قبل ما نتسرع يعني..
سارة: لا شوف مين اللي بيتكلم..
آسر: قصدك إيه..
سارة: ماقصديش.. انت عشان اخويا انا هاسكت و اسيبهم هما يسكتشفو تهورك دة بنفسهم.. و انت و عاصم في بيت واحد.. هايقيد حريقة بعون الله.
عاصم: ما بكفاية تجطيم بجى.
سارة: ابدا.. دة انا عندي كمية تحفيل على الموقف دة تكفيني شهرين قدام..
هنية(بضحك): ههههههههه.. طيب ياللا تعالي نكملو وكلنا و ابجي انتجمي منه بعدين.. تعالا يابني بسم الله.. بت يا فاطنة هاتي طبق و شوكة و سکينة نضاف يابت بسرعة.
فاطمة: ايوة حاضر..
سارة: تعالى يا اسر بقى اعرفك على البيت العسل دة.. دة الحاج عبد الرحمن صاحب البيت و كبير البلد و عمدتها كمان.. و دي مراته ماما هنية أو الست ام عاصم.. و دة طبعا عاصم غني التعريف طبعا.. بوتاجاز البيت..
عاصم: شكرا يا زوج..
سارة: زوق طبعا عندك مانع؟؟
عاصم: و انى اجدر؟؟
سارة: اه بحسب.. و بعدين هو انت لسة شوفت حاجة.. استنى عليا..
(ثم أشارت لهدى.. تلك المستقرة على كرسيها المدولب و الوحيدة التي لم تقف لترحب به فعلم آسر على الفور أنها هي المړيضة التي تهتم بها شقيقته) و دي يا سيدي تبقى هدى.. صاحبتي الجديدة..
ابتسمت هدى لأن سارة عرفتها على أنها صديقتها الجديدة و ليست على أنها مريضتها الجديدة.. مد آسر يده ليلتقط كف يدها في سلام بسيط و لكنه كان كالجائحة التي أودت بقلب المسكين..
هدى(ابتسمت بخجل): أهلا يا باشمهندس آسر.. نورتنا.
آسر(بتركيز): دة نورك يا آنسة هدى..
اخجلتها نظراته المتأملة لها و التي لم يلاحظها سواها فسحبت يدها بسرعة غير ملحوظة حتى لا تثير شك شقيقها أو ابيها..
احضرت فاطمة الصحن لآسر فقالت هنية بود...
هنية: ياللا يا ولاد.. ياللا اجعدو نكملو وكلنا.. سارة اني ماهاعزمش على اخوكي.. انتي وكليه ماشي.. الا يكون بيستحي زيك.
سارة: لا يا ماما هنية يستحي ايه.. آسر مش بيستحي خالص.. و خصوصاً في موضوع الأكل دة.
أسر: انا ياختي.. شكرا على ثقتك الغالية.. مابتستريش ابدا انتي..
سارة: و اكدب ليه و هما هايشوفو المجزرة اللي هاتحصل دلوقتي.
آسر: طيب ياختي.. سيبيني اكل براحتي بقى طالما كدة كدة فضحتيني.
هنية: ههههههههه.. بس يا سارة ماتسيبيه يأكل براحته بألف هنا..
آسر: الله يهنيكي يا ست هنية.
سارة(همسات لأخيها و لكن بصوت مسموع للجميع): انت قاعد معانا قد ايه؟؟
آسر: يومين.. ليه؟؟
سارة: عشان نقول للناس يعملو حسابهم في خزين للبيت..
آسر: هي هي هي.. خفة يابت. اسكتي بقى بهدلتي سمعتي.
كان الجميع يضحك على مناغشة الاشقاء المرحة بينهما.. انتهى العشاء بنفس جرعة المرح اليومية و لكنها كانت مضاعفة تلك الليلة بسبب وجود آسر و الذي له نصيب من خفة الظل مثل أخته و اكثر..
جلس جميعهم في غرفة الصالون يتناولون مشروباتهم و الفاكهة أيضاً..
سارة: بس ماقولتليش يا آسور.. عرفت مكاني ازاي؟؟
آسر: تفتكري منين انتي؟
سارة(و هي تفكر): اممممم.. من دكتور صبري؟؟ لا.. انا و هو بنتكلم كل يوم تقريبا.. كان هايلمحلي حتى.. اممممم.. من عم فوزي السواق طبعاً..
آسر: حبيبي الذكي دة يا ناس.. وحشتيني يا روحي قلت اطب عليكي فجأة كدة بما ان احنا اصلا ماشوفناش بعض بقالنا مدة طويلة..
عاصم: صحيح.. هي كانت الدكتورة سارة جالتلنا انك مهندس.. بس ماجالتش فين؟؟
آسر: انا مهندس بترول.. و حالياً مقر شغلي عند بير جديد لسة بنحفره في البحر المتوسط.. فعشان كدة اجازاتي نادرة اوي.. لأن انا ابقى نائب المهندس المسؤول عن البريمة دي.
هدى(بتعجب): معقول.. نائب المهندس المسؤول مرة واحدة.. بس شكلك صغير..
آسر (بحماس): ايوة فعلا انا عندي 28 سنة بس.. مهندس و اعزب و بدور على بنت الحلال.
ضحكت هدى بخجل و أكمل هو بحماس أكثر حتى يعرفها بنفسه اكتر..
آسر: اصل انا تعليم امريكاني و معايا دبلومة و خبرتي برضه مش قليلة.. اشتغلت في امريكا سنة قبل ماجي هنا.. ما اكيد انتي عارفة..
عاصم(بغيرة): و هاتعرف منين هي؟؟
آسر: أقصد أن اكيد سارة حكيت لها...
عاصم(لهدى بشك): و انتي صُح عرفتيه منين جبل حتى ما سارة تعرفنا بيه؟؟
هدى: اصل سارة كانت بتوريني صور قديمة ليها.. و منهم صور ليهم مع بعض..
عاصم: و عرفتي منين انه اخوها مش حد تاني؟؟
سارة: عشان أنا ماعنديش صور غير مع آسر أو بابا بس.. و اكيد في فرق في السن و الشكل طبعا بين آسر و بابا..
احمرت عينا عاصم پغضب و رغم أن سارة لم تراه و لكنها نكزت أخيها في ذراعه و همسات في آذنه..
سارة: اهمد بقى و بطل رغي معاها... و خد بالك احنا هنا في الصعيد و اخوها اديك شوفت عمايله.. عصبي جدا و مابيتفاهمش خصوصا في أي حاجة تخص أخته.. اتلم بقى.
آسر: مش قادر.. أصلها حلوة اوي.
سارة: يارب ياخد باله و يربيك بقى.
آسر(تنحنح پخوف بعد أن رأي الڠضب يتراقص في عيني عاصم): احممم.. شكله خد باله فعلا.
سارة(بصوت سمعه الجميع): طيب نقوم ننام بقى..
آسر: اه.. ياللا..
هنية: على فين يا بتي لسة بدري.
سارة: بدري من عمرك يا قمر.. كفاية كدة و بعدين انتي ناسية أن عندنا خروجة بكرة.
آسر: إيه دة.. خروجة ايه؟؟ و من غيري!!؟
سارة: اه صحيح.. ايه رايك تخرج معانا.. استاذ عاصم عازمني بكرة انا و هدى على فسحة... ينفع يا استاذ عاصم آسر يجي معانا ولا فيها مشكلة.
عاصم: لا طبعا.. ماينفعش.
هنية: بس بجى يا عاصم.. طبعا ينفع يابتي.. بس هو عاصم أكده.. هزاره تجيل شوية.
سارة: تمام.. نتقابل الصبح..
آسر: تصبحو على خير.
عاصم: و انت رايح فين يا بشمهندس؟
آسر(ببساطة): هاروح انام.
عاصم: ايوة يعني فين؟
سارة: معايا في الكرڤان.
عاصم(پغضب): نعم ياختي؟؟
عبد الرحمن(سريعاً بعد أن استشعر نبرة الغيرة في صوت ابنه عليها حتى من شقيقها): عاصم يجصد يعني أن الاوض في السرايا كتير.. فممكن تتفضل في واحدة منيها لحد الصبح حتى تبجى براحتك.. و اللي اعرفه ان العربية دي مافيهاش الا سرير واحد يعني و....
سارة: لا يا حاج عبده عادي يعني مايهمكش.. و بعدين الكراڤان فيه كنبة بتتعمل سرير.. أسر هاينام عليها.. و لو على الراحة احنا متعودين على كدة.
هنية: خلاص يا حبيبتي.. روحو ارتاحوا دلوجت.. اكيد الباشمهندس تعبان من السفر و محتاج يريح .
آسر(اقترب منها و قبل يدها بود): ربنا يخليكي لينا يا ست الكل.. بس بلاش باشمهندس دي.. اشمعني سارة بتناديها بإسمه عادي.. ولا انا مش زيها.. انا اسمي آسر.. آسر و بس.. اتفقنا؟؟
هنية: ربنا يبارك في عمرك.. ماشي يا ولدي زي ما تحب...
آسر: تصبحو على خير...
تركهم آسر و اصطحب شقيقته تحت أنظار عاصم الغاضبة و التي رأها والده تشتعل بالغيرة.. حسناً فلا يوجد تفسير غير ذلك.. فعاصم قد وقع أخيراً في شباك الحب.. و لكن اعترافه بالأمر ليس بتلك السهولة..
تركهم عاصم أيضاً بمنتهى الڠضب و صعد إلى غرفته دون أي كلمة.. فتسائلت هنية..
هنية: ماله عاصم.. مش بعادة أكده.. هو في حاچة حُصلت في الشغل..
عبد الرحمن(بنظرة ثاقبة): لا اللي حُصل ماحصلش في الشغل.
هنية: جصدك ايه؟
عبد الرحمن: ها.. ولا حاچة.. تعالو نكملو الفيلم احنا.. بجالي كتير ماجعدتش مع البت هدى الجمرة دي.
هدى: و ابنك سابني و طلع.. هانام فين انا النهاردة..
عبد الرحمن: هو ماهينامش بدري أكده.. و اكيد هاينزل ياخدك.. و إن مانزلش اشيلك اني..
هدى(ضاحكة): ههههههه.. تشيلني مرة واحدة.
عبد الرحمن: ايه.. فاكراني عچزت اياك.. لا ابوكي لسة شباب و جوي كمان.
هدى(و استقرت في حضڼ والدها): ربنا يخليك ليا يا احن اب في الدنيا.
عبد الرحمن: و يخليكي ليا و يطمن جلبي عليكي انتي و المخبل اللي فوج ده.
ضحكوا ثلاثتهم معا على مزاح الاب و أكملوا الفيلم الكوميدي الذي اسعدهم كثيرا...
=================================
اما بداخل مقصورة سارة..
بعد أن استقرت سارة و آسر.. ابدلا ملابسهما و جلست بجانب أخيها لتتحدث معه قليلاً فقد مر الكثير من الوقت لم يتحادثا فيه عن أمور حياتهم..
آسر: ها يا قمر.. ادينا غيرنا هدومنا و عملتلك مج هوت شوكليت من بتاع زمان دة فاكراه؟؟ اللي كان بيخليكي تبعبعي بكل اللي جواكي من غير ما تحسي.. ها ارغي بقى.. عاملة ايه و اخبارك ايه هنا؟
سارة: ايه يا عم شغل وكلاء النيابة دة؟
آسر: طيب قري و اعترفي بسرعة.. و بعدين أنا من ساعة ما شوفت هركليز اللي انتي عايشة معاه دة و انا قلقت بصراحة.
سارة(ضحكت بصخب): ههههههه.. قصدك عاصم.. حرام عليك ليه بتقول عليه كدة.. دة طيب و كيوت اوي على فكرة.
آسر: لا يا شيخة؟؟ بقولك ايه يا بت انتي اتعدلي كدة و انتي بتتكلمي.. هو ايه دة اللي طيب و كيوت.. دة كان هايعمل عليا شوربة عشان ..(ايه النظام.
سارة: آسر هو انت بتغمزني بعينك.. صح؟
آسر: اه.. ليه؟؟
سارة: عشان أنا مش شايفاك يا ابو المفهومية.
آسر: بقولك ايه.. ماتحاوليش تتوهيني.. عاصم دة ايه نظامه؟؟ على طول متحكم فيكي كدة و حاشر مناخيره في كل حاجة؟
سارة: ليه بتقول عليه كدة.. على فكرة عاصم انسان كويس و محترم.. بس هو ماكنش يعرفك.. فلما يلاقي أن الدكتورة بتاعة أخته اللي عايشة معاهم في نفس البيت واحد غريب داخل يسأل عليها و ياخدها اول ما يشوفها لازم يسأل.. ولا ايه؟؟
آسر: ماشي.. بس طريقته ماكنتش طريقة واحد خاېف على سمعة بيته ولا على أخته منك مثلا.. لا كانت طريقة واحد غيران.
سارة(بتعجب): غيران؟؟!!!
آسر: ايوة غيران.. انا راجل و فاهم نظراته كويس.. سارة احنا مش مجرد اتنين اخوات احنا اصحاب.. انا احيانا بحس أني لما اتجوز و اخلف هاعمل مع بنتي زي ما بعمل معاكي كدة.. انتي بنتي يا سارة مش اختي.
سارة: صدقني يا آسر مافيش حاجة من اللي في بالك دي... و لو في اكيد انت اول واحد هاتعرف.. بس هو عاصم يمكن عشان عصبي شوية دة خلاك تفتكر أنه معجب بيا.. لكن الموضوع لو غيرة زي ما بتقول فمش هاتبقى اكتر من غيرة على ضيفة عنده بس..
آسر: ماشي.. و عموما انا بثق فيكي جدا طبعاً.. المهم.. هي هدى دي تبقي المړيضة بتاعتك.
سارة: ايوة.. بس احنا بطلنا نتكلم عنها على أنها مريضة.. هدى بالنسبة لي دلوقتي تبقى صاحبتي اللي انا واقفة جنبها في أزمتها.. ماشي.. بس اشمعنى يعني؟
آسر: مش عارف.. اول ما شوفتها حسيت بحاجة كدة.. مش فاهمها.. هي بنت عادية يعني.. بس فيها حاجة شدتني.
سارة: آسر.. هدى نفسيتها هشة جدا... خصوصا الفترة دي.. فأرجوك مش هاقولك بقى إن احنا في الصعيد و أن اللي انت بتفكر فيه دة مستحيل..
بس هاقولك إن هدى مش حمل صدمة عاطفية دلوقتي خالص.. انا ملصماها بالعافية اصلا.. و برغم إني عارفة انك مش بتاع بنات كنت قولت انك عايز تتسلى معاها شوية..
آسر: و لما انتي عارفة اني مش بتاع تسالي.. بتقوليلي كدة ليه؟
سارة: عشان اعرف قصدك؟؟
آسر: عموما خروجة بكرة دي هاتبين حاجات كتير.. و لما نرجع لينا كلام.. قومي نامي بقى احسن انا هاموت و انام..
اما عاصم فقد كان مثل الأسد المحتجز بداخل غرفته.. ظل واقفاً في شرفته يراقب نور المقصورة الذي كان مضاءاً لمدة تزيد عن الساعتين..
فتساءل.. ياترى ماذا يفعلون كل هذه المدة.. ايتحدثان.. عن ماذا.. هل عن أحداث ٍ عادية.. ام عن ماذا؟؟
يا الله ما كل هذه الحيرة و الغيرة التي أشعر بها داخل صدري..
ظل يراقبهما حتى اغلقا الانوار فدخل هو إلى فراشه يفكر بها حتى غلبه تعبه و نام.
=================================
أتى الصباح التالي بسلام..
تناول الجميع فطورهم في جو لطيف مرح و اتجه الأربعة أفراد إلى السيارة.. حيث كان عاصم يقودها و بجانبه آسر و بالخلف تجلس الفتاتان..
اتجه بهم عاصم إلى أحد مراكز التسوق الشهيرة نزل جميعهم.. و حمل عاصم شقيقته حتى يجلسها على كرسيها المدولب.. و لكن قبل أن يدخلون من باب المركز.. تمسكت هدى بيد سارة پخوف مبهم..
شعرت بها سارة فأبتسمت و نزلت الي مستواها و قالت..
سارة: هدى.. انا مش عايزاكي تخافي.. انتي مش لوحدك.. كلنا حواليكي.. انا و عاصم و آسر كمان مش عارفة لازمته ايه بس اهو موجود يعني.
آسر: شكرا يا زوق..
سارة: العفو يا حبيبي اي خدمة... (ثم عادت تحدث هدى) مش عايزاكي تركزي مع اي حد.. ماتبصيش لوش حد.. انتي كويسة و ماحدش هايضايقك.. ماشي..
احنا جايين نتبسط و نفلس اخوكي و نمشي تمام.
ابتسمت هدى بتوتر و قالت..
هدى: تمام.. ياللا.
دخلو جميعاً إلى المول عاصم يدفع الكرسي و سارة تتأبط ذراع أخيها و لكن تمشي أكثر بالقرب من هدى.. كانت هدى تنظر إلى وجهات المحلات و تبدي إعجابها ببعض المعروضات و كانت سارة تشجعها على شراء بعض الأغراض.. ليس بهدف الشراء و لكن بهدف تحسين مزاجها..
انتهت فقرة التسوق على خير.. وسط فرحة هدى بأول مرة لها خارج المنزل لهدف غير طبي او علاجي.. و فرحة عاصم بشقيقته التي تتحسن كل يوم عن الآخر.. و فرحة سارة بيوم بعيد عن الروتين اليومي..
و ڠضب آسر الذي عمل كمساعد يحمل الحقائب فقط..
آسر: ياريتني ماجيت اشوفك يا سارة.. كان يوم مهبب يوم ما وحشتيني.. شيال.. اخرتها شيال؟
سارة: ههههههههه.. و ماله الشيال بس.. مش شغلانة شريفة برضه..
هدى: حرام عليكي يا سارة.. احنا اسفين اوي يا باشمهندس تعبناك معانا خالص.
آسر(و هو ينظر لعينيها التي ابعدتهم بخجل): ولا يهمك يا جميل.. دة انا أشيل الظلط.
عاصم: عاتجول ايه انت؟؟
آسر(پخوف): ها لا ولا حاجة..
سارة (حقناً للدماء): هو احنا مش هاناكل ولا ايه.. انا جعت جدا...
هدي: اه و انا كمان.
آسر: و انا كمان والله يا بنات..(و تراجع بعد نظرات عاصم الحاړقة له) دة لو مايضايقش استاذ عاصم يعني.
عاصم: تعالو نروحو اي مطعم ناكلو حاچة.
ثم اتجه الجميع إلى أحد المطاعم الملحقة بالمركز التجاري و تناولوا الغداء في جو مرح تشوبه الغيرة الشديدة من عاصم على كل من أخته و سارة من ذلك الآسر المرح و مزاحه اللطيف .
انتهت رحلتهم بسلام و عاد الجميع إلى المنزل بعد قضاء يوم ممتع للغاية.. قضى آسر يوماً أخر معهم و اضطر للسفر مرة آخرى حتى يعود لعمله..
عاد الجميع بعد هذه العطلة الصغيرة لأعمالهم.. ثم بدأت هدى بالفعل جلسات العلاج الطبيعي و التي قد تم لأجلها استدعاء أحد أفضل الأطباء المتخصصين في هذا المجال..
بدأت علاجها و استمر لمدة شهر كامل قبل أن تستطيع هدى ان تحرك ساقيها حركة صغيرة.. حتى انها قد بدأت تتحرك قليلاً و تقف على ساقيها لعدة دقائق قليلة مما أعاد للجميع الأمل في شفائها الكامل..
لم ينتهي دور سارة عند هذا الحد بل إنها كانت تحميها و تدعمها في لحظات ضعفها و تعبها و تذكرها بقرارها النابع من داخلها بتلقيها العلاج و بتغيير حياتها لتعود لسابق عهدها..
يتبع