رواية والتقينا بقلم ندى ممدوح الفصل الحادي عشر حتى الفصل الأخير حصريه وجديده
إلا صحيح يا هشام أنت على كده عندك فلوس كتير!
أجابه هشام وهو يقوم من سقوطه ويقلب كفيه
_متعدش. معايا كتير ومستعد اديك اللي أنت عايزه.
تبسم الشاب وهو يقف قبالته وقد ترك الطعام من يده وقال وهو يطوق كتفه ويسير به داخل الزنزانة
_كده تبقى حبيبي يا أبو الهشاشيم.
ردد هشام في ازدراء
ضړب الشاب على كتفه مقهقها وقال
_بدلعك يا جدع إيه مدلعكش دا إحنا هنبقى حبايب.
ودفعه من قفاه نحو فراشه وهو يقول
_يلا بقا يا حبيبي نضف لي السرير عايز أريح جددتي حبتين.
ودار هشام رأسه الساقط على الفراش إلى الشاب الذي أطلت من عينيه شبح الشقى..
وأيام العڈاب..
والثائر على كل چرائمه..
وما اقترفه يمينه..
وعن ظلمه وتجبره..
الأيام دارت وباتت عليه وليست له..
كان يتجبر ويظلم ويقسو كيفما يشاء وها هو ذا يسقى مما اقترف.
يظن الظالم إن في إمهاله نجاة وقد نسى إن الله عدل يحب العدل فيتناسى إن الله مطلع عليه ويغمض عينا القلب ويتجبر كما يحلو له ويكون في امهاله تدبر وحكمة عظيمة من الله عز وجل فإن الله يمهل ولا يهمل.
طوبي لمن تمر عليه سعادة القلب ويخطف من السماء نجمة تظل تضيء عتمت الفؤاد وينسى من خلالها كل مر خامر الأعماق ويا حسرتاه على من بقى حبيس الذكرى فيتعذب بڼار لا تنطفيء.
غمرتها الفرحة دون أن تشوبها أي شائبة فنست كل لحظة حزن زارت أعماقها نست..
من هي..
كأنما ولدت من جديد بعمر جديد وروح جديدة مع من أحبته فصار منها كما الوتين أو مهجة القلب كأنها فراشة ذات عمر قصير أختزنت لذاتها فرحة وأكتفت بما جنت.
كانت تقف إسراء أمام المرآة في حجرتها تتمايل بفستان أبيض اللون ذا حزام ذهبي عند الخصر وخمار بلون الزهر وتتمتم في توتر
_يا ندى حاسة إن في حاجة غلط.
_ما بس بقا يا بنتي إيه الغلط والله قمر حطي بقا مكياج.
ف استدارت إسراء في حدة هاتفة في حنق واستنكار
_مكياج! مكياج إيه اللي احطه لأ طبعا هكون على طبيعتي انهارده.
فزفرت ندى بعصبية قائلة
_اللي أنت عايزه بقا اعمليه.. هخرج أشوف كل حاجة برا تمام ولا في حاجة ناقصة.
يا الله كم تحبه!
بلال ليس مجرد اسم او شخص في حياتها..
أنه نور انبثق فجأة في ليلة من ليالي الدادي ف أضاء سماء قلبها بنور الأيمان..
نعم نوره لم يكن مجرد نور لقد جاء بنور الإيمان الذي أعاد تشكيل حياتها من جديد..
ليتها تستطيع إعادة قطار الحياة فتنزل في كل محطة مرة أخرى وتطمس كل حياتها بممحاة تزيل كل أثر أصبح عالق كالحنظل في كل خطوة تخطوها في الطريق إلى الله هي لست ملاك ولن تكون لكنها ستجاهد كي تفقه في الدين حتى تكون من الصالحات القانتات ورغم إنها لا تزل لا تعي شيئا في امور دينها إلا إنها ألتزمت بأحكام الخطبة فلم تحادثه ولم تجلس معه بمفردها وها هي الآن ستقرن له سيعقد قرائنهما وستنتمي إليه يا لهف قلبها
ما أجمل أن ينال المرء ما يتمنى
ما كان يبغيه
ويرجوه
خرجت من غرفتها عندما أخبرتها ندى إن المأذون قد أتى خفق قلبها وتراقص بين ضلوعها في سعادة ولهفة ما أن وقعت عينيها على بلال وجلست بجانب والدها في حياء بعدما رحبت بوالدته وقبلت رأسها لم يلبث خجلها أن تلاشى والمأذون يعلنهما زوج وزوجة واستقبلت وابل التهاني بسرور ظهر جليا على ملامحها وشعت بها عينيها المتوهجتين.
انفض عنها المهنئيين ورأت بلال يقترب منها في رصانة فزين ثغرها ببسمة خجلة وأسبلت الأجفان وخفق قلبها في عڼف حتى أحست إنه سيغادر قفصها الصدري ويترك مكانه ليس خاليا بل مليئا بحب ذاك الذي وقف قبالتها مادا كفه بمصافحه ودودة ولسانه يهمس في خفوت
_مبارك.
فتصافحا..
وكانت أول لمسة في الحلال..
وأول عناق للأصابع..
وأول ضمة للعينين..
وأول خفقة تمتزج بالراحة بقرب المحبوب..
تعلق بصر كل منهما بالأخر فصمت ولا تزل راحته تضم كفها الرقيق في حنان وتسللت أصابعه تتحسس أناملها في حنو.
لا لا متسرحوش كده عشان مش هسيبكم تتهنو لوحدكم في يوم زي ده.
قالت هذه العبارة أميرة وهي تضم كلا منهما بذراعيها ضاحكة فنفض بلال ذراعها عنه وهو يقول في حنق
_إوعي يا بت كده.
فعبست أميرة وهي تلتفت إلى إسراء مغمغمة في حزن مصتنع
_أنت هتسيبيه يقولي بنت كده عادي! هو أنا مليش اسم.
ضحكت إسراء في رقة وعذوبة بينما بلال يقول
_مضايقة إني بقولك يا بت! ليه شايفة نفسك واد ولا حاجة!
زمت أميرة شفتيها وهي تلكزه بمرفقها وقد جهمت المحيا وحولت بصرها إلى سهير صائحة
_عاجبك كده! هسكت بس عشان انهارده كتب كتابه والمسامح كريم.
فغمغم بلال
_على أساس البنت كريمة أوي يعني.
ورمق إسراء بنظرة سريعة وهو يضيف
_أنا هاخد إسراء ونخرج فيلا عشان أوصلكم.
ولكن ومع إصرار محمد الشهاوي على البقاء حتى تناول العشاء أذعن بلال وترك أفراد عائلته ليوصلها سعيد واستأذن ليأخذ إسراء ويخرجا ووافق أبيها دون أدنى اعتراض.
ها حابة تروحي فين
تساءل بلال وهو يقود السيارة فدارت إسراء رأسها إليه قائلة دون تفكير
_على الكورنيش!
قطب بلال حاجبيه وسألها متعجبا في استنكار
_الكورنيش
ف أومأت إسراء برأسها وقالت متبسمة في رقة
_آه عايزة أروح هناك.
وأتبعت تقول في حياء وهي مطرقة الرأس
_من يوم ما عرفتك ونفسي أوي أروح معاك هناك.
تبسم بلال ولم ينبس ببنت شفة وغشاهما الصمت طول الطريق حتى أوقف سيارته في المكان المنشود وترجل في هدوء ودار حولها فاتحا الباب ل إسراء التي غادرتها بدورها في توتر ملحوظ وسارت بجانبه في صمت لم يكن أيا منهما يدر ما يقول!
وإن قال فكيف يبدأ
ورافقهما الصمت طول المسير بمحازة سور النهر إلا من تحركات بلال حولها فإذ مر شاب من جوارها لف حولها ليسير من جهته أو احاطها بذراعه وهذه الحركات البسيطة كانت كفيلة بجعلها تغرد كعصور تحرر من قفصه..
بجعلها تشعر إنه تميمة تحاوط أحبتها..
أو كوكبا يدور حول أفلاكه..
وصلت إلى انفها رائحة الذرة المشوية فألتفتت إليه قائلة
_بلال عايزة أكل ذرة.
رفع بلال إحدى حاجبيه مندهشا وردد
_ذرة! بس كده
اومات في صمت فذهب ليبتاع لهما كوزين من الذرة ويعود إليها جالسا على حافة السور بينما ظلت هي واقفة وشردت ببصرها وفكرها على صفحة المياه الراكدة وألتمعت الدموع بغتة في عينيها وقالت بنبرة كأنما تخرج من أعماق تائهة دفينة
_تعرف يا بلال...
نظر إليها بلال في انتباه وهو يأخذ قضمة من حبيبات الذرة ويلوكها في فمه مضيقا عينيه في تساؤل ف أردفت في هدوء وهي تقلب كوز الذرة دون وعي
_دلوقتي بس حسيت إني عايشة فعلا صدقني الفلوس الكتير والعرى دا مكنش ولا حاجة قصاد سعادتي