رواية والتقينا بقلم ندى ممدوح الفصل الحادي عشر حتى الفصل الأخير حصريه وجديده
يطعن.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
توقفت ندى أمام باب منزل بلال مترددة لكنها لم تدع الحيرة تبلغ منها مبلغا بليغا إذ حسمت أمرها سريعا وطرقت الباب وأنتظرت ثوان حتى أنفتح وطالعها عمرو وهو يقول ببسمة بريئة
_مش أنت ندى صحبة إسراء!
فهزت ندى رأسها ببطء وهي تتمتم ببسمة
_ايوا أنا.
_بلال موجود
فهز الصغير رأسه نفيا ودفع الباب مفسحا الطريق لها قائلا
_لأ بس ادخلي استنيه جوه.
ترددت ندى في الدخول وما كادت أن تفعل أوقفها قول عايدة قائلة بغلظة
_استنى يا عمرو عايزة بلال ليه يا بنتي!
ازدردت ندى لعابها في حيرة أستبدت بها بغتة دون سابق إنذار وهمست بصوت خفيض بعد هنيهة من الصمت
غمغمت عايدة بضيق
_بلال مش موجود واللي بينه وبين إسراء خلاص انتهى حتى إنه خطب وكتب كتابه بعد أيام بمعنى إنه نسي إسراء فقوليلها تنساه وتشوف حياتها وربنا يرزقها باللي أحسن منه.
خفق قلب ندى بارتياع وانفرجتا شفتيها بكلام بتر قبل أن يبلغ حلقها مع قول عايدة
وصفعت الباب في وجهها وهي تبكي في صمت لم تعتاد أن تعامل أحد هكذا لكن هذه حياة أبنها وهي تريد له السعادة وزوجة صالحة أنتزعها من شرودها وبكاءها قول عمرو وهو يردد في ضيق
_عملتي كده ليه يا ماما حرام.. حرام عليك بلال بيحب إسراء.
عادت ندى إلى المستشفى زائغت العينين منشغلة الفكر في حل لتلك الطآمة التي ستلطم قلب رفيقتها لطمة ستطيح بكل ما تبقى منها تخطو بقدمين عاجزتين تجرهم جرا كي تتحرك وتوقفت أمامها شاردة فبادرتها إسراء قائلة بعينين خاليتين
_ندى.. كنت فين!
فتجمعت العبرات في مقلتي ندى وأخذت مآقيها تنزفها بهدوء صامت وانبعث صوتها كأنه يأتي من مكان سحيق
لما أحست بإن إسمه يعيد لقلبها الحياة كأنها حية في عالم الأحية فشع الأمل في عينيها وبلهفة أطلت فيهما وبوجه مشرق همست
_بجد قابلتيه سألك عني! طب هو كويس قلك إيه
أسبلت ندى جفنيها فهوت أدمعها في غزارة وشحب وجه إسراء وأصاب الإعياء قلبها أدركت إن الرد سيهدم قلبها وسيطمس دقاته وسيواري حبا بين الثنايا يقبع رفرفرت ندى بأهدابها لوهلة وتحاشت النظر إلى عينين رفيقتها وهي تلقي بما في جعبتها بنبرات متهدجة
صمتت وهي تبصر اتساع أعين إسراء كأنما سيخرجان من محجريهما وتراجعت بظهرها وهي فاغرة فاه وشحن وجهها بالصدمة والخزى وخيل إليها إن قلبها قد توقف عن النبض!
بل تصورت إن رفيقتها ستسقط صريعة...
هزت إسراء رأسها في اڼهيار وأخذت تردد مأخوذة
_مش ممكن مستحيل أنت كدابة بلال مش هيتجوز غيري لا....
وهوى دمعها يفطر القلب ثم أطلقت صړخة مدوية تردد صداها في الإنحاء وزلزلت الأرض شفقة وحاولت ندى أن تضمها أن تواسيها أن تجعلها تهدأ لكنها ما أن بح صوتها مادت بها الأرض وأغشى عليها بين يدين ندى التي نادت تستنجد بالناس التي تجمعت حولهما.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
إن يفقد المرء قلبا أن يعتريه إعياء لا دواء له أن تغيب روحه ويظل جسده فوق الأرض كصنم متحجر لهو شيء عظيم.
اڼهيار عصبي أصاب إسراء من وقع الصدمة على قلبها صدمة سحقت قلبها حتى استحال إلى شظايا يصعب إصلاحها ككوكب كانت تدور جل أفلاكه حوله ثم سقطت من شاهق وباتت هباء منثورا.
ما أقسى أن يتوجع المرء في من أحب!
ما أضنى القلب حين يعاني من ألم الفراق.
لم يعد بلال لها سيكون لأخرى لن ترآه مجددا ولن ترتوي من ملامحه مرة أخرى لكن لما ملامحه قد حفرت على جدران قلبها بماء العشق فلم تعد تبرحه كيف إذا تنساه..
تنسى حبه!
تطلعت ندى بعينين مغروقتين بالدمع إلى إسراء الراقدة على الفراش الطبي بعينين تحدقان في السقف دون حراك وبجسد خامد متهدل متهالك كأن كل ما بها بات فارغا ولم يعد لها شيء بالحياة
لا شيء أضحت تريده...
ولا شيء أصبح لها...
يضيق صدرها بأنفاس مخټنقة..
دنت ندى من فراشها وجلست في مواجهتها وقالت وعينيها تسيلان بالدمع
_فوقي لنفسك بقا يا إسراء قومي وواجهي ضعفك بلاش تستسلمي حاربي نفسك.
ولم تتلق ردا إلا دموع انحدرت على وجنتي إسراء ردا عما تفوهت به فتنهدت بعمق وهي تنهض لتطمئن على محمد الشهاوي.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
عندما تحسنت حالة إسراء وتعافى أبيها وأنقضت فترة النقاهة اتخذت قرارا بالسفر ووضعته قيد التنفيذ فورا لذا وقبيل خروجها للمطار ودون أن تعي شيئا ذهبت ندى فورا إلى منزل بلال كأنها تسابق الزمن وعقارب الساعة وبينما تصف سيارتها جانبا وجدت بلال في ذات اللحظة يترجل من سيارته وهو يلف المفاتيح بين إصبعه في حلقة دائرية فنادته بصوت به لهفة
_بلال.
فألتفت إليها وقد ضاقت عيناه بغلظة فوجدت إن لحيته قد طالت ومن عينيه تطل نظرة حزينة وغمغم بضيق وبرود
_ندى خير
قالت ندى في رجاء
_الحق إسراء هتسافر.
فرد عليها في برود غليظ
_وأنا مالي.
ربما قد فلح في الرد عليها ببرود لكنه لم يستطع محو تلك النظرة الملتاعة التي تفعمت في عيناه وهم أن يستدير لكنها لحقته ووقفت أمامه وهتفت في ثورة من الڠضب
_أنت مالك إيه يعني إيه مالك دي! بقولك إسراء هتسافر أنت تقدر تمنعها.
فصړخ في وجهها
_بصفتي إيه همنعها أنا وهي كل اللي بينا خلاص وأكيد هي اللي بعتتك باللعبة الحقېرة دي مفكرة إني هجري على طول واللحقها واترجها ترجع لي..
تراجعت ندى خطوتين إلى الوراء وأرتج عليها مليا ثم همست في ازدراء
_أنت بتظلم بسهولة كده! بتألف وتقنع نفسك باللي بتألفه! لأمتى هتفضل ظالمها.
جز بلال على أسنانه وهدر وهو يتجاوزها إلى بيته
_لمي لسانك وأمشي من قدامي.
وقبل أن يهم بفتح باب بيته توقف على صوتها وهي تقول بحدة
_الصور اللي أنت شفتها دي كلها حقيقة فعلا بعتهالك محمد الشهاوي مع الحقېر عماد.
فاستدار إليها وفي عينيه تساؤل حذر بينما تابعت ندى بأمل وبعينين مخټنقة بالعبرات
_الصور دي كانت من آخر فيلم إسراء صورته قبل اللي حصل لها لكن الفيلم متعرضش لإنها فسخت العقد.
أطرقت برأسها حينما احتد بكاءها واسترسلت بصوت متهدج
_كانت إسراء قابلتك وتغيرت وعملت كل اللي تقدر عليه عشان متصورش الفيلم والتعاقد يتلغي وعمي محمد استغل الصور دي وبعتهالك بس إسراء بريئة ومخانتكش... مخانتكش عشان إسراء بقيت واحدة تانية.. واحدة پتخاف ربها وحسابه قبل اي حاجة وعشان حبتك من كل قلبها.
صمتت تسكب دمعها فتقدم بلال نحوها واكتست ملامحه ألم العالم برمته وهو يهتف في شغف
_هي فين
أخبرته ندى إنها في المطار على وشك المغادرة فذرها وحيدة وأخذ يعدو عدوا شطر سيارته ولجها على عجل وأدار محركها وانطلق
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
انطلق بلال يتجاوز بسيارته كل السيارات التي تعيق طريقه كما لو إنه مچنونا غير عابئ بتلك الأحتجاجات والشتائم التي أخذ أصحاب السيارات يلقونها ويعبرون عنها بأبواق سيارتهم وقتها لم يكن يسمع شيء كأنما قد أصابه الصمم ولم