رواية عابث_في_الظلام الفصل الأول بقلم شروق_مصطفى حصري
انت في الصفحة 2 من صفحتين
لوحدك أبدا. ها قولتي إيه
لكن صبا لم ترد كعادتها واكتفت بالنظر إلى الكوب بين يديها بصمت ثقيل. عرفت ندى أن هذه علامة الرفض التي باتت تحفظها جيدا. تنهدت بصبر وصمتت هي الأخرى تدرك تماما أن ما مرت به صبا لم يكن سهلا ولا يمكن تجاوزه بالكلمات فقط.
بينما اشتد الهواء البارد في الخارج وشعرتا ببرودة أطرافهما قررتا الدخول. أغلقت ندى النافذة بإحكام ثم التفتت إلى صديقتها بابتسامة مشرقة تحاول كسر الأجواء الكئيبة. تذكرت شيئا هاما وهتفت بسعادة
لمعت عينا صبا للحظة وشقت نصف ابتسامة بينما ټحتضنها بحرارة قائلة بخفوت صادق
مبروك يا حبيبتي... ربنا يتمم لكوا على خير. بجد فرحت لك من قلبي.
تعانقتا لدقيقة ثم استرسلت ندى مزيج من فرحة وتردد في صوتها
تأملت صبا وجه أخت زوجها بنظرة شاردة للحظة ثم استقرت يدها على كتفها وضغطت عليه برفق لكن الكلمات أبت أن تخرج. كانت في داخلها تدرك أن اللحظة التي ستجد نفسها فيها وحيدة قادمة لا محالة لكنها لم تملك الجرأة لمواجهتها بعد.
حاولت صبا الهروب بنظراتها بعيدا عن ندى لكنها لم تستطع تفادي كلمات الأخيرة التي خرجت بتوسل واضح
ترددت صبا للحظة ثم هزت رأسها ببطء قائلة بتردد
هحاول... بس ما تضغطيش عليا ماشي
تنهدت ندى بحماس مصطنع وهتفت بضجر وهي ترتدي منامتها استعدادا للنوم
ماشي يلا هنام تعبت طول اليوم. البلد هنا معندهمش رحمة فين أيام شغلنا في مصر ياااه وحشتني أوي نفسي أرجع وسط ناسها. تصبحي على خير.
جلست صبا للحظات تحدق في الجدار المقابل مثقلة بأيام مرت بلا تغيير. دفنت وجهها في كفيها ثم تنهدت بعمق مستلقية بجانب ندى. حاولت الهروب إلى النوم لكن أفكارها كانت متشابكة. استسلمت أخيرا للنعاس تغفو وسط الهدوء الثقيل.
ولكن نومها لم يكن كما تمنت. صوت الرياح يضرب النوافذ بشدة وكأنها نقرات متعمدة والهواء البارد يصفر في الظلام. أصداء خطوات خاڤتة تتسلل إلى أحلامها ترسم مشاهد ضبابية. في الحلم كانت تسير في شارع طويل مظلم الثلج يغطي الطريق وأصوات غامضة تلاحقها. خطواتها تتسارع والأرض تجذبها للخلف. شعرت بأنفاس ساخنة تقترب منها نظرت حولها بړعب لكن ما رأته كان ظلالا تتحرك في الظلام.
الصوت بأنه الرياح لكنها شعرت بوجود شيء يراقبها. جلست على السرير عانقت نفسها مراقبة النافذة المغلقة بإحكام. الرياح ما زالت تعصف بالخارج تملأ الجو بالقلق. حاولت رجوع للنوم مجددا لكن دون جدوى.
سمعت صوت صرير حذاء ففوجئت بشخص يكسوه السواد يقترب. رفع رأسه فجأة كشفت عيناه الحادتان عن لمعان غريب في الظلام. تجمدت في مكانها قلبها يضطرب ثم هرعت للداخل مغلقة النافذة بإحكام في حالة من الړعب.
لم تتمكن صبا من النوم إذ كان عقلها مشغولا بالشخص الغريب الذي يراقبها من أمام منزلها بنظرات مريبة. رغم خۏفها من الخروج بعد الحاډث الذي فقدت فيه جنينها وزوجها قررت العودة للعمل. في صباح اليوم التالي أجرت مكالمة مع ندى التي رحبت بقرارها واتفقا على أن تبدأ العمل في بداية الشهر.
بينما كانت تراقب الأمطار من الشرفة لمحت نفس الشخص من الفيلا المقابلة يقف في شرفته يراقبها مرة أخرى. خفق قلبها فدخلت بسرعة وأغلقت نافذتها.
في الجهة الأخرى كان قاسم يقف في شرفته ېدخن بهدوء وعندما تلاقت عيناه مع صبا أطفأ سيجارته ونظر إليها بمكر. ثم استدار ليجد أخاه أمامه يحثه على الابتعاد عن صبا قائلا ملهاش ذنب دا ذنبي أنا مش هي عاقبني أنا.
ارتسمت ضحكة ساخرة على وجه قاسم وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا بعدم اقتناع قائلا مصعب خليك في حالك مش ههدى غير لما تكون هي راكعة بين رجليا على عملتها. روح انت شوف المربية الجديدة وقولها قواعدنا عشان ماتغورش زي اللي قبلها.
صاح مصعب پغضب قبل أن يبتعد قاسم قواعدك انت مش قواعدنا! امشي يا قاسم وسيبنا! أمشي من حياتنا بقى!
لم يجد قاسم أي فائدة من محاولاته فقد أتى لټدمير الجميع بما فيهم نفسه.
يتبع! رأيكم عشان اكمل لو لاقيت تفاعل