الثلاثاء 24 ديسمبر 2024

رواية عندما يلتقي الطين بالصلصال البارت الاول بقلم فهد محمود حصريه وجديده

انت في الصفحة 4 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

قصة وكل قصة كانت تتعلق بشيء عزيز على قلبها. صوت هاتفها قطع حبل أفكارها.
يا ياسمين إيه الأخبار كنتي فين طول اليوم صوت مروة صديقتها المقربة ملأ الغرفة.
أجابت ياسمين وهي تحاول إخفاء تعبها.
كنت بلف في البلدة كان لازم أودع الأماكن اللي بحبها قبل ما أسافر.
صمتت مروة قليلا ثم قالت بصوت متردد.
أنت فعلا قررتي تسيبي البلدة ده قرار نهائي
أغمضت ياسمين عينيها وهي تحاول أن تجمع شجاعتها.
أيوه مروة. لازم أخوض التجربة دي. ده الحلم اللي كان دايما في بالي.
تنهدت مروة بحزن.
هتوحشينا بجد يا ياسمين. البلدة من غيرك هتبقى ناقصة.
ابتسمت ياسمين وهي تنظر من النافذة إلى السماء المرصعة بالنجوم.
انتي أكتر حد فاهمني يا مروة. بس ده مش وداع للأبد. هنتواصل دايما وهترجعوا تشوفوني كل فترة.
سمعت مروة تنهيدة أخرى على الطرف الآخر من الهاتف ثم قالت بشيء من الحماس.
خلاص طالما ده قرارك يبقى لازم نحتفل! بكرة بالليل تعالي على الكافيه اللي بنحب نقعد فيه. هنودعك بطريقة تليق بيكي.
ضحكت ياسمين.
ماشي بس متعمليش مفاجآت مچنونة!
مش بوعدك! قالت مروة وهي تضحك قبل أن تقفل المكالمة.
في اليوم التالي استيقظت ياسمين على صوت أمها وهي تحضر الفطور في المطبخ. نزلت بسرعة إلى الطابق السفلي حيث وجدت أمها ترتب السفرة بابتسامة خفيفة.
صباح الخير يا ماما. قالت ياسمين وهي تجلس إلى الطاولة.
صباح النور يا حبيبتي. إيه فكرتي في كل حاجة سألتها والدتها وهي تضع الشاي على الطاولة.
أخذت ياسمين قطعة من الخبز وبدأت تأكل ببطء.
أيوه فكرت في كل حاجة. أنا جاهزة.
نظرت الأم إلى ابنتها بتفحص ثم قالت بنبرة حانية.
أنا عارفة إنك دايما كنتي قوية بس فاكرة المدينة مش زي هنا. لازم تكوني مستعدة لكل حاجة.
ابتسمت ياسمين وهي تنظر إلى أمها.
عارفة يا ماما. وأنا مش خاېفة. كل يوم هنا كان تدريب على الحياة اللي جاية.
في تلك اللحظة كان الباب يطرق. ذهبت ياسمين لتفتحه ووجدت أحمد أخوها الأصغر واقفا أمامها بوجه يحمل تعابير مختلطة بين الحزن والقلق.
إيه انتي خلاص هتسيبينا قال أحمد بنبرة تخفي ألم الفراق.
احتضنت ياسمين أخاها.
أيوه بس هتكون فترة وهارجع. ومش هبعد أوي. هنفضل نتكلم كل يوم.
أحمد جلس على الكرسي بجانب السفرة وقال بنبرة أكثر جدية.
بس أنا مش عايزك تروحي لوحدك. إيه اللي يضمن إن الدنيا هتبقى كويسة معاكي هناك
ضحكت ياسمين وهي تمسك بيده.
متقلقش يا أحمد. الدنيا مش هتكون سهلة بس أنا مستعدة أواجهها. دايما هفضل أكون اللي انتوا بتعرفوه.
بعد الظهر قررت ياسمين أن تقوم بجولة أخيرة في البلدة. تجولت في السوق الصغير الذي كان يعج بالحركة رائحة الخبز الطازج وأصوات الباعة يملأون الأجواء. توقفت عند بائع التمر عم رمضان الذي كان يعرفها منذ صغرها.
يا بنتي سمعت إنك ناوية تسافري قال وهو ينظر إليها بعينين مشبعتين بالحنين.
أومأت برأسها وقالت بلطف.
أيوه يا عم رمضان
هنطلق على رحلة جديدة.
ربنا يوفقك يا ياسمين. دايما كنتي مختلفة وعندي إحساس إنك هتكوني حاجة كبيرة. قال وهو يعطيها كيسا صغيرا من التمر.
أخذت ياسمين الكيس بابتسامة.
شكرا يا عم رمضان دايما كنت بتدعمني.
تركت السوق وتوجهت نحو الشاطئ الذي كانت دائما تلجأ إليه عندما تحتاج للتفكير. جلست على الرمال وأخذت نفسا عميقا وهي تستمع لصوت الأمواج. شعرت بلمسة خفيفة على كتفها والتفتت لتجد سلمى واقفة بجانبها.
عرفت إني هلاقيكي هنا. قالت سلمى وهي تجلس بجانبها.
مش قادرة أبعد عن المكان ده. قالت ياسمين وهي تتابع الأمواج بعينيها.
نظرت سلمى إلى البحر وقالت بهدوء.
مفيش حاجة هتبعدك عن اللي بتحبيه يا ياسمين. حتى لو بعدتي جسديا روحك هتفضل هنا.
عارفة. وهنا هيبقى دايما البيت اللي برجعله. قالت ياسمين بنبرة تجمع بين الحزن والتفاؤل.
نظرتا معا إلى الأفق وكأنهما تشتركان في لحظة وداع صامتة.
يتبع..

انت في الصفحة 4 من 4 صفحات