الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية كاره النساء بقلم سهير عدلي الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر حصريه وجديده

انت في الصفحة 6 من 10 صفحات

موقع أيام نيوز

استقبلها سامر بترحاب مبالغ به وطلب منها أن تجلس في حجرة مكتب والدها..وما إن جلست عليه شعرت بشئ غريب كأن على كاهلها جبال..مسئولية جسيمة حطت على رأسها..شتان مابين حضورها سابقا عندما كانت تحضر وهي ابنة صاحب المحلات الشهيرة الفتاة المدللة التي تأتي فقط لكي تأخذ اموال منه وتنصرف على عجل لكي تذهب للتسوق..وبين حضورها الآن كمسئول عن كل تلك الأعمال..شعور غريب جعلها تشعر أنها قد هرمت..خاصة عندما أخذها سامر في جولة لكي تتابع الأعمال عن قرب..شعرت برهبة ورجفة في قلبها..كيف لها أن تتحمل كل تلك الأمور..الآن أدركت قيمة أباها..كيف كان يشقى ويتعب لكي يوفر لها كل أسباب الراحة والمتعة..وجدها سامر شاردة وكأنها طفلة تائهة فسألها في فضول 
مالك يامدام نريمان..في حاجة مش عجباكي في الشغل
قالت وهي تنفض عن نفسها ذلك التيه فغمغمت 
هه..لا لأ مفيش حاجة...أ أنا تعبت شوية وبقول كفاية كده..أنا حروح بقى.
سامر وهو يخفي ضيقه 
تحت أمرك..بس بقول يعني في شوية أوراق ياريت توقعيهم.
قالت وهي تضيق عينيها باستفسار 
أوراق ايه دي
أردف بثبات وقد هز كتفيه في حركة أن الأمر عادي 
لا دي شوية أوراق بس خاصة بفواتير وأذون صرف وكده يعني.
لم تفهم نريمان شئ ولكنها قالت له 
طيب خليهم بكرة لأن أنا فصلت ومش حعرف أركز في حاجة.
وبنبرة غير مبالية حتى لا يثير شكوكها 
تمام..مفيش مشاكل خليهم لبكرة.
ثم أمر السائق أن يقوم بتوصيلها الى المنزل وذهب هو الى مكتبه..يخرج بعض من الأوراق درج مكتبه قابضا عليهم بغيظ قائلا 
مش مهم ..نستنى يوم كمان مش حيجرا حاجة حتروحي مني فين.
ثم زفر في عدم صبر وعيناه تشعان في اصرار حتى يحصل على مراده.
لم تمكث كثيرا في العمل كانت قلقة على مالك للغاية توجهت الى حجرته مباشرة وجدته نائم ولكنه يبدو عليه كأنه يحلم ..يحلم بشئ مخيف هكذا اتضح من صورته فقد كان وجهه يتصبب عرقا ينازع ويصدر اصوات غير مفهومة وهماهمات كأنها أواجع ينتفض جسده على الفراش كأنه في نوبات صرع.. ركضت نحوه بانزعاج تهزه وتناديه بهلع 
مالك..مالك..في ايه حبيبي..قوم يامالك ..اصحى ..اصحي فيك ايه ياحبيبي .
بأصابع ترتعش وانفاس لاهثة خائڤة اخرجت هاتفها تتصل بالطبيب وتخبره باكية 
الحقني يادكتور.. مالك كأنه بيحلم بكابوس وعمال ينازع..وبيقول كلام مش مفهوم وشه اصفر ومليان عرق.
الطبيب باهتمام 
طب كويس ده معناه انه قرب يفوق ..مسافة السكة واكون عندكم.
جلست بجواره على الفراش تمسح عنه عرقه..وهي تزرف دموع الخۏف عليه.
عندما حضر الطبيب حقنه ببعض المنشطات حتى تساعده على تنشيط وعيه..وسألها 
قولي لي قدرتي تجيبي اي معلومات عن حياته
هزت رأسها بالنفي قائلة بأسف 
للاسف يادكتور مقدرتش أروح ..اولا لاني معرفش اروح لوحدي وكمان خفت لانها بلد أرياف وأنا مش حقدر أتعامل معاهم ..ثانيا انا كنت مشغولة جدا عشان شغل والدي وكمان اهتمامي بمالك مقدرتش أسيبه لوحده وأسافر..عشان كده انا بفضل اننا نستنى والدي لما يرجع من السفر هو حيقدر يفيدك اكتر ويجبلك المعلومات الحضرتك عايزها.
أومئ برأسه تفهما فقال على مضص 
تمام ..ياريت يفوق بقى عشان أسمع منه شخصيا.. المهم أنا عايزك تفضلي جمبه..واظن ان مراعاتك ليه وقعادك معاه وكلامك له كان ليه أثر كبير بانه بيحاول يقاوم غيبوبته..أنا حمشي وأي تطورات اتصلي بيا فورا.
حاضر يادكتور.
قال وهو يصافحها 
ربنا يشفيه يارب
يااارب.
جلست بجواره تتأمله بشفقة جعلت ذراعها فوق رأسه وأراحت خدها على جبينه مقربة رأسه نحو حضنها أكثر وأكثر وراحت تهمس له باشتياق 
ياااه يامالك قد ايه أنت واحشني قووي..واحشني صوتك حتى لو كان زعيق وشخط..وحشتني نظراتك حتى لو كانت نظرات كره..وحشتني أوامرك ..وحشني وجودك معايا..قوووم بقى أنا محتجااالك قوووي..حاسة أن جزء مني سايبني وضايع مني..ربنا يشفيك ياحبيبي ويرجعك لي بالسلامة.
جادت عيناها بفيض من الدموع.. دموعها تسقط على وجهه علها تغسله من غياب طال لأيام وكأنها سنوات..وبالفعل دموعها أتت مفعولها فقد ظل يتململ وكأنه يقاوم لكي يخرج من غيبوبته تلك وعندما شعرت بحركته رفعت رأسها وحدقت به بشوق بالغ ولهفة تنتظر وتتمنى لكي يستيقظ.. فظلت تساعده وتخفزه بصوتها الحنون 
قوم ..قوم يامالك..اصحى..قاوم ياحبيبي.. فوق..فوق ياروحي.
لم تصدق عيناها عندما فتح عيناه ونظر لها بأعياء وكأنه كان نائما مع أهل الكهف حدق بها وغمغم بضعف وأعياء 
أ أ أنتي مين..أنتي ميين...
فرحتها باستيقاظه جعلتها تصرخ وتنادي على دادتها بصوت ضال اعمى لا تدري ماذا تفعل في ذلك الموقف 
دادة ...ددداداة ..مااالك فاق ..مالك اتكلم.
حتى انها تركته وذهبت اليها..لكي تشاركها تلك اللحظة فقد شعرت أنها لحظة قوية لن تتحملها بمفردها.
لأول مرة منذ أن جاءت الى المستشفى في حالة يرثى لها يراها وهي تبتسم ..عندما دلف الى حجرتها وألقى عليها تحية الصباح 
صباح الخير
فردت عليه تحيته باابتسامة عذبة صنعتها شفتيها خصيصا له 
صباح النور
قال وهو يدقق في ملامحها التي تبدلت من اليأس الى الأمل ومن التعاسة الى السعادة 
ايه ده هو انتي بتعرفي تبتسمي زينا
أطرقت رأسها خجلا وهي تبتسم من مزاحه.
تناول يدها لكي يتابع نبضها وحتى يرفع عنها خجلها 
وريني ياست الكل.
بينما هو محدق في ساعته كانت هي تراقبه في صمت ملامحه الرجولية ووسامته اللتان آسراها والأهم حنانه الذي يغدقه عليها ومعاملته الطيبة لها..والتي افتقدتها وحرمت منها من قبل والدها وزوجها..وراح عقلها ينقم على والدها ذلك الوالد القاسې الذي لم يكلف نفسه أن يسأل عليها وكأنه ماصدق وتخلص منها..أي أب هذا..مازالت تجهل خبر مۏته فلقد فضلوا أن لا تعرف به حتى تتحسن حالتها..هتف باسمها عندما وجدها شاردة 
مالك ياجومانة..ابتسامتك اختفت ليه مرة وحدة.
مفيش.
قالتها وهي تضم شفتيها تحاول ان تخفي مشاعرها.
ولكنه طارد تلك المشاعر باصرار حتى لا تختزنها بداخلها فټقتلها 
مفيش ازاي..وشك باين عليه ايه ال فكرتي فيه خلاكي اضيقتي كده مرة وحدة.
ولم طال صمتها سألها باصرار حتى تبوح بمكنون نفسها 
قولي ياجومانة مالك في ايه أحنا مش اصدقاء..واتفقنا انك متخبيش علياحاجة .
حدقت فيه لثواني هي بالفعل تشعر تجاهه بقرب وراحة فقالت له كأنها تشكو اليه 
بفكر في بابا ال مسألش عليا ولو مرة وحدة من ساعة ما جيت.
أشاح بوجهه بعيد عنها في حيرة هل يخبرها عن أمر مۏته..أم لا 
وكأنها شعرت أن هناك شئ خفي لا يريد أن ببوح لها به فسألته في توجس 
فيه ايه يا دكتور..أنت مخبي عليا حاجة
ابوكي ماټ ياجومانة من أول يوم جيتي فيه مستحملش الصدمة وماټ .
وجد نفسه يقول ذلك وظل يراقب ردة فعلها لأستقبالها مثل ذلك الخبر .راقب انفعالاتها ووجهها الذي ظل جامدا للحظات وعيناها الشاخصة محدقة فيه بعدم تصديق وعدم استيعاب..حتى أنه خشى عليها فهتف اسمها بانزعاج 
جومانة..جومانة قولي أي حاجة.
كانت جومانة في صراع مع نفسها..في تلك اللحظة لم تنقم على أبيها على الرغم مما تسبب لها من متاعب..لقد شعرت بعد أن فقدته كأنها ورقة شجرة سقطت فتلقفتها الريح تطير بها في الهواء..لقد بكت عليه بكت بشدة..برغم من كل ما حدث منه..تبكيه برغم كل الضغوط النفسية التي سببها لها ..تبكيه برغم سجنه لها وحرمانها من

انت في الصفحة 6 من 10 صفحات