الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية والتقينا بقلم ندى ممدوح الفصل الحادي عشر حتى الفصل الأخير حصريه وجديده

انت في الصفحة 2 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز

وهو يوقف سيارته على جانب الطريق 
_وصلنا.. سلام. 
فتنهدت وقد وصلها بغيته في إنهاء هذا الحوار وفتحت الباب وقبل أن تترجل إستدارت له قائلة في إستدراك 
_بكرة عايزة اروح اطمن على خالتي.. 
ونكصت رأسها في خجل من نفسها وهي تتابع 
_لإن لي كتير مشفتهاش ونسيت صلة الرحم... 
ورفعت عينيها إليه تضيف 
_هتقدر توصلني بكرة 
فرد بلال في بساطة 
_آه إن شاء الله عندي مقابلة عمل هخلصها واجيلك. 
فأكتفت بأن أهدته بسمة عذبة وهي تترجل عن السيارة وتميل من النافذة قائلة 
_أبقي سلم لي على مامتك وسهير. 
فأجابها بهزة رأس 
_يوصل إن شاء الله 
_إذن أنت بلال 
جاء الصوت من وراء إسراء التي التفتت في ذعر إلى أبيها الذي أشار إليها قائلا 
_اطلعي أنت يا حبيبتي عايز أتعرف على بلال. 
التفتت إسراء مذعورة إلى بلال الذي ترجل من السيارة ودار حول مقدمتها وتوقف أمام أبيها في صمت فنقلت بصرها بينهما في حيرة ووجل وصافح والدها بلال ببسمة رزينة وهو يقول 
_تشرفت بمعرفتك يا بلال وبشكرك على مساعدتك لبنتي. 
ولم ينتظر إجابته فقد الټفت إلى إسراء وكرر كلامه الذي قاله آنفا 
_اطلعي أنت يا حبيبتي. 
وزجرها بنظرة رادعة فازدردت لعابها وهي ترمق بلال بآخر نظرة ثم تستدير سائرة إلى داخل البناية وتختفي في داخلها بينما بلال يتبسم بسمة مجاملة وهو يقول بصوت أجش 
_شكرك وصل في السچن. 
افتعل الرجل ضحكة قصيرة وهو يغمغم 
_الحكاية مش كده كنت مفكرك شاب عابث بتتسلى ببنتي. 
حاول بلال أن يستشف ما يعتمل بداخله لكن هيهات الرجل كان كالطود العظيم ذو ملامح متجمدة ونظرة ثاقبة يصددها نحوه وعندما لم يفلح قال 
_مأظنش الحكاية كده دا مش مبرر. 
_ربما اقبل اعتذاري طيب وبجد تشرفت بمعرفتك. 
رد بلال عليه بكلمات موجزة ثم استئذان منصرفا
أستغفر الله وأتوب إليه 
أمضى بلال ليله يتقلب أرقا كأنما المرجل يغلي بين جوانحه وعبارة أمه تدوي في رأسه كصليل الجرس إوعي يا بلال تغضب ربك الواحد ميضمنش إمتى هيجيله ملك المۏت إحذر يجيلك وأنت عاصي ولا أثناء ذنب 
كانت مجرد كلمات لكنها في قلبه لم تكن كذلك لقد خربت قلبه وقلبت خفقاته كأنها صاعقة صعقته صعقا لم يستطع حينذاك أن يجيب والدته فقد بهت وظل يحدق في وجهها كالمأخوذ 
ما الذي حصل له 
لماذا يشعر بالتغيير قد أصابه 
كأنه لم يعد يعرف نفسه! كإنه أمام إنسان آخر! منذ متى وهو غافلا عن نفسه! منذ متى وهو يسمح لعينيه أن تستبيح نظرا لما ليس لها 
ألم يكن دائما يتجنب النظرات غاض الطرف وغاض القلب أيضا 
بلى فؤاده كان محفوفا بتميمة تحرصه دائما من أن يطرقه حب او إعجاب! 
وعيناه كانت دائما ملبدة بالخشية من الله سبحانه وتعالى. 
لماذا سمح لنفسه الآن إذن! 
إذن! فهو يستحق تلك الإنقباضة المؤلمة في قلبه يستحق فجيعته في كل شيء وقد عصى ربه! 
رفع كفيه إلى السماء وعيناه تفيضان من خشية الله
وأخذ يجأر إلى الله بصالح الدعاء وخالص الرجاء.. 
ثم نوى الصيام ف للصائم دعوة لا ترد ربما يستجيب له الله ويعفو ويغفر
من آنس بالقرآن وبجنب الله وأحب ظمأ الهواجر ما هو بتارك لهم ابدا فبهم تطيب القلوب وتسكن الأرواح بهم الراحة والرضا. 
يا آسفاه على من لم يأخذ من القرآن قراءة وحفظا وتفسيرا خليلا فقد خاب وخسر. 
لقد خسر جنة الله على الأرض.
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 
كان بلال قد أنهى مقابلة العمل والتي لم يوفق فيها وعلم على الفور إن ما منع توفيقه ما هي إلا ذنوبه فأمضي يومه لاهجا بالأستغفار طيلة اليوم كالح الوجه عما اقترفه في حق نفسه حتى عندما أوصل إسراء لم يرفع عيناه فيها قط لم يبادلها كلمة واحدة بدت كغريبة عنه رغم إنها حبيبة القلب وحبة الفؤاد ومن يسبغ عليها بوارف حنانه ورعايته لكن إذا أحب العبد شيئا تركه لله فعسى الله أن يرزقه بها أو خيرا منها. 
وها هو ذا يأتي ليأخذها في دجى الليل يغشاهما السكون في السيارة لم ينبث إيهما ببنت شفة تحيرت إسراء إزاء معاملته الجافة كأنما يضيق بها ذرعا وإنها شيء ثقيل على نفسه وأرثرها هذا الشعور بالضيق وهي تخرج إحدى الروايات من حقيبتها وتعكف على قراءتها .. ربما لتتناسى جفاءه أو ليمر الوقت! 
وفجأة جاءها صوته يسئل بذات الجفاء 
_بتقري إيه 
فردت دون أن ترفع عينيها عن ضلفتي الكتاب 
_رواية. 
فغمغم بلا اهتمام 
_وما فائدة القراءة إن لم يكن منها نفع! 
فرفعت عينيها إليه في دهشة بينما يسترسل هو قائلا 
_حذار فإن العين ستحاسب عما تقع عليه من قراءة فيجب إن يكون ما تقرأيه خال من أي ما يثير العاطفة وشهوة المرء وحذار أن يكون في صحيفتك ما لا يسرك أمام الله وخافي ف وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين 
سورة الانفطار ١٠ فثمة علينا جميعا ملائكة تراقب افعالنا واقوالنا وحركتنا رقباء على كل سكناتنا وهمساتنا يكتبون كل شيء عنا. 
وسكت وعاد بصرها ذائغا إلى الرواية وانكبت عليها شاردة الذهن متغيبة العقل. 
انتزعها من شرودها توقف السيارة وترجل بلال عنها وهو يتأفف فأطلت برأسها من النافذة وهتفت 
_إيه اللي حصل 
فأجابها وهو يفتح غطاء السيارة الخلفي متفحصا 
_هشوف. 
غاب بلال طويلا وتفصد جبينها غرقا من الجو الخانق الحار فأغلقت الرواية ودستها داخل حقيبتها وترجلت من السيارة واستندت بظهرها عليها وهي تتأمل بهيام بلال المنكب على إصلاحها. 
نسمة هواء داعبت فستانها ليرفرف من حولها ويحرك خمارها فهشت وبشت وعيناها تلتقط إحدى الصخور على جانب جذع شجارة جانبيه فسارت نحوها وجلست عليها وعيناها لم تفارقاه حتى رفع رأسه بإرهاق مغمغما 
_وقتك تعطلي دلوقت يعني! 
ووقعت عيناه على جلوسها فمط شفتيه وهو يقول 
_هنستنى شوية هتحتاج وقت. 
فهزت رأسها وهي تهمس 
_معاك الوقت كله. 
فتحرك بلال بغيظ نحوها وهو يهتف 
_أنت إيه نزلك من العربية وقعدك القعدة الغريبة دي! 
فضحكت بإنطلاق وهي تقول بصوت متهدج 
_وغلاوة عمو زحلف ما عرف الجو حر في العربية وكتمه وأنت غبت فزهقت. 
فبهت وهو يطالعها في صدمة وقال متسائلا 
_مين عمك زحلف ده! 
فقالت ببساطة 
_دا واحد كده وخلاص. 
_يعني إيه واحد وخلاص 
فأجابته وهي تقهق 
_اصل انا كمان معرفش هو مين. 
تعالت ضحكاتهما معا ممزوجة بحنانه وصرامته وهو يهتف 
_طب يلا على العربية. 
فنفخت بضيق وهي تقول باستنكار 
_والله أبدا لحد ما تخلص. 
فأفترش الأرض بجانبها وهو يقول 
_شكلنا مش هنخلص اصلا العربية محتاجة ميكانيكي وهتصل على الواد سعيد يجيلنا بس هحاول معاها تاني. 
فهزت كتفيها ولم تعلق لم يلبث أن عكف عن إصلاح العطب حتى فلح وانطلق مجددا ينهب الأرض نهبا وقد غشى السكون محيطهم مرة أخرى أوقف السيارة أمام البناية التي تقطن فيها فغادرة سيارته وقبل ان تختفي عن أنظاره استدارت ملوحة له ارتقت درجات الدرج والفرحة تتوهج من بنيتيها وتدندن بكلمات أغنية كانت تحفظها من إحدى مسلسلاتها توجهت إلى غرفتها على الفور وفتحت بابها وهي تدور حول نفسها من شدة السعادة وما كادت تستدير لتشعل قابس النور إذ تسمرت مكانها وتخشبت أناملها قبل أن تصل لتشعل الضوء وخفق قلبها في عڼف واتسعت عينيها على آخرهما فأمامها على الحائط شبح مقنع يقترب منها في تريث فأستدارت وهي تزدرد لعابها برعدة قوية كادت تصيبها بشلل وأصابعها على إستعداد لنزع القناع عن وجهه وأستدارت ونزعت عن وجهه الملثم القناع

انت في الصفحة 2 من 24 صفحات