الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية والتقينا بقلم ندى ممدوح الفصل الحادي عشر حتى الفصل الأخير حصريه وجديده

انت في الصفحة 21 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز

نظرة الحب من عينيها فكرر متسائلا بدهشة 
_أستاذ بلال! دلوقتي أنا بقيت استاذ يا إسراء! من أمتى بتعامليني بالجفاء ده! 
فتحاشت النظر له خشية أن يدرك وقع صوته على قلبها وهي تجيب بقسۏة 
_من زمان يا أستاذ بلال.
ثم أردفت وهي تحاول العبور نحو الباب 
_لو سمحت إوعى من طريقي. 
لكنه لصق الباب بظهره واستدعى كل أسلوبه العملي وخشونته وقال بصوت أجش 
_لأ ولو سمحت اتفضلي اقعدي أنت جاية في مقابلة شغل. 
وعندما لمح الأعتراض على ملامحها وهمت بالنطق به استطرد في غلظة 
_لو مشيت دلوقتي يبقى بتأكديلي إن لسه في لي مكان في قلبك وبتحبيني. 
فصاحت به غاضبة 
_أنت بتقول إيه 
فتخطاها ليجلس وراء مكتبه وهو يقول 
_زي ما سمعت لو مشيت هعرف إنك خاېفة من إن كل المشاعر اللي بينا تتجدد. 
أطلت نظرة غاضة من عينيها وهي تتجه لتجلس أمامه مغتصبة ضحكة مفتعلة بغيضة على ثغرها وتقول 
_أستاذ بلال ياريت لو قبلت إني أكون سكرتيرتك. 
وصړخت فجأة 
_يبقى مفيش اي حاجة بينا خارج حدود العمل. 
فرفع بلال حاجبا ولم يعر هتافها اهتماما ومد يده قائلا 
_ملفك.
ناولته ما طلب في عصبية بينما راحت عيناه تتصنع الإنشغال في الاوراق التي أمامه وهو ېختلس النظر إليها.
رب نجنا من القوم الظالمين 
سنة دارت أيامها سريعة كأنها سحاب أتى دون سلام ومر دون وداع كان الفراق مؤلم لقلبها الذي كان يتلظى بڼار الحنين والإشتياق لكنها تجاوزت هذا الحب الذي طعن كبريائها ودمر كرمتها وعذب قلبها في يدها قبع الهاتف مشعا بصورة تتبدى فيها الكعبة وأمامها أبيها وهي تضمه وقد ظللت بسمة كالنور في ليالي الدآدي ثغرها مبددة كل ظلمة في أعماقها لقد عكفت في تلك الهجرة القلبية على حفظ كتاب ربها تعلمت العقيدة والفقه والتفسير والحديث. 
وعادت وهي متأججة بالإيمان الذي زادها صلابة وقوة وبسالة وذاقت لذة حرم منها الكثير من الناس بؤنس ربها عز وجل. 
عندما عادت إلى وطنها نست تماما كل ما يتعلق ببلال وبحبها الخامد له انكبت على عملها الذي تعلمته مع مرور الأيام لتدر عليها وعلى أبيها لقمة حلال. 
ويا لصدفة القدر حين جمعها به دون إنذار فعلمت بجانبا منه لم تكن تعرفه وهو إنه محب لعمله يبذل قصاري جهده فيه دون أن يفكر في نفسه. 
_ادخل العصير للأستاذ بلال يا آنسة إسراء. 
هتف بها رجل يحمل في يده صنية تحوى كوبا من العصير وبعض الشطائر وفاقت إسراء من شرودها على صوته وتنبهت إنها قد طلبت له ذلك ليقينها إنه لم يذق الزاد منذ إن أتى فاستوت واقفة وهي تغادر مكتبها الصغير قائلة 
_لا يا عم صبحي أنا هدخلهم ليه روح أنت. 
وتناولت منه الصنية وتوجهت إلى المكتب في توتر ثم طرقت الباب ولم تلبث أن تذكرت إنه طلب منها الدخول دون إذن ففتحت الباب ورفع بلال رأسه من فوق الأوراق التي أمامه متبسما ونظر لما بيدها قائلا 
_بنت حلال أنا حقيقي ھموت من الجوع كويس إنك طلبت حاجة. 
فطافت شبه ابتسامة بسيطة على ثغرها ووضعت الصنية أمامه وهي تقول 
_طب كويس اشرب العصير وكمل شغل مش هيضيع. 
فالټفت إليها في حنو ورفق وقال 
_حاضر يا ماما. 
وضحك في خفوت مع تلك البسمة الملتوية التي ظهرت بزاوية فمها وسمعها وهي تتمتم 
_ماما أنا ماما! 
ثم رمقته بنظرة غاضبة وكادت أن تخرج لولا إن نداها قائلا 
_إسراء إيه رأيك نتغدا سوا انهاردة
فاتسعت عينيها على آخرهما وهي تصيح 
_أنت اتجنيت وإيه اللي هيخرجني معاك اصلا اما انت غريب. 
وهم بالنهوض وإن يفسر طلبه لكنها غادرت المكتب صافقة الباب في عڼف وراءها تشيعها ضحكة عالية ندت من بلال. 
وقد راقت له شراستها! 
وأحب قوتها. 
منذ إن استلمت العمل معه وهي لا تسمح له بالتجاوز معها بالكلام إلا في حدود العمل عدا ذلك محال لكنه سيصبر كي ينال ثقتها سيحظى بها لا ريب ذات يوم. 
اتكب بلال مرة أخرى في مراجعات الملفات التي امامه وهو يرتشف من كوب العصير بعد ما تناول الشطائر وبدا منهمكا تماما ناسيا نفسه لردحا من الزمن ثم تنهد في إرهاق وهو يسترخي في مقعده متراجعا بظهره إلى الوراء وقد أسبل جفناه لبرهة وتذكرها.. 
كضوء ينبعث بغتة من غياهب الظلمات فأتقد الحنين في قلبه ونهض واقفا وراء الواجهة الزجاجية التي تفصله عن مكتبها الصغير ووقف يتأملها وهي تقرأ إحدى الروايات في نهم واندماج وتنبهت كل حواسه وهو ير زميل لهما في العمل يقف أمام مكتبها ونقر بسبابته على سطح المكتب ليجذب انتباهها فخرج من مكتبه في اللحظة التي كان الشاب يقول مرتبكا 
_آنسة إسراء ممكن لحظة من وقتك 
رفعت إسراء بصرها إليه واعتدلت في جلستها وقالت ببسمة رقيقة 
_آه اتفضل طبعا. 
تنحنح الشاب ودار ببصره في إنحاء المكان في محاولة للتشاغل وقد استبد به الارتباك فغمغمت إسراء في حذر 
_في حاجة اتفضل قول. 
فغمغم في انفعال 
_كنت عاوز آخد معاد مع والد حضرتك لإني.. لإني معجب بيك. 
تبسمت إسراء في وجهه بانفعال وغمغمت مرتبكة 
_آه. 
واستجمعت شتات امرها واسترسلت في هدوء 
_بصراحة مش عارفه أأقولك إيه ولكن مقدرش اديك رقم بابا لإن.... 
قاطع بلال كلامها وهو يلج في ڠضب هاتفا 
_طلبك مرفوض يا أستاذ لإن ده مكان شغل واتفضل على شغلك ولو تكرر الموقف ده يبقى اتفضل من غير مطرود. 
الټفت له الشاب وحدجه شذرا بنظرة غاضبة ثم ألقى نظرة إلى إسراء التي وقفت شاحبة الوجه ثم خرج وقد کسى وجهه الحياء من الموقف كله. 
ما أن ابتعد الشاب عن مرمى البصر دارت إسراء حول مكتبها واقفة قبالة بلال بعينين تتقدان ڠضبا وقالت في ثورة 
_أنت مين أداك الحق ترفض مكاني طلب زي ده! هو أنت اللي هتتجوز ولا لأ فوق انا مش إسراء بتاعت زمان ولا إسراء الممثلة اللي هتسمحلك تشك في اخلاقها... 
بتر استرسالها فيما تبغي قول بلال الهاديء متسائلا في استخفاف 
_تعرفي يا جليبيب 
فاتسعت عينيها ناظرة له بنظرة مفعمة بالدهشة قبل أن تضيق عينيها في حيرة.. 
لقد قرأت عن أبا بكر عن عمر الفاروق وعلي وعثمان وبعض الصحابة ولكن.. من جليبيب 
فقالت بشغف وقد زال كل ڠضبها 
_مين جليبيب. 
فتبسم بلال تلك البسمة التي تسلبها قلبها وكأن قلبها قد انقبض وانبسط وانتفض وارتجف وهي ترهف السمع مع همسه العذب 
_جثث تملأ المكان لا تكد القدم تخطو خطوة إلا وچثة تعيق طريقها چرحى في كل الأنحاء رجال منتشرة يفتشون بين المۏتى ليدركوا من ذا قد غادرهم انجلت المعركة بنصر المسلمين... 
بنصر دين الله.. 
أن الله دائما ناصر دينه.. 
ناصر الحق.. 
وها هو ذا رسول الله يجول بين أصحابه متسائلا 
_أتفتقدون أحدا. 
فيجيبوا الصحابة 
_لا يا رسول الله لا نفتقد أحدا. 
فيطوف بصر رسول الله بين الوجوه ويقول 
_ولكني أفتقد جليبيا.
جليبيب ذاك الشاب الدميم الذي لم يفتقده أحد لم يذكره إلا رسول الله فيا لهف قلبه ولهف قلبي لذاك الفقد طوبي لجليبيب والله هنيئا له. 
عسانا نأتي يوم القيامة فيتفقدنا رسول الله يسأل أين فلان لقد كانت تبلغني صلاته. 
أين فلان فقد كان يحبني ف الله ولم يرآني 
تظن أن العالم ينساك! وقد كان جليبيب يعتقد ذلك وهو الذي دون أهل او صديق يسأل عنه فإذا بالله سبحانه وتعالى يجعل نبي الرحمة.. 
السراج المنير.. 
النبي المرسل.. 
الصادق الأمين.. 
محمد بن عبد الله يسأل عنه يفتقده إذ غاب
ينتشروا الصحابة
20  21  22 

انت في الصفحة 21 من 24 صفحات