رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الاول حتى الفصل الثاني عشر بقلم الكاتبه فاطمه طه سلطان حصريه وجديده
لها بالهاتف وعيناه تناظر وجهها بالاعلى
-مش هتلحقي هكون بلكتك من أساسه.
تحرك "دياب" الذي يعمل بذلك المقهى الراقي الذي عمل فيه بصعوبة بالغة وها هو يذهب قاصدا إحدى الطاولات التي يجلس عليها مجموعة من الفتيات المدللات والتي يظهر هذا بوضوح على هيئتهم التي تشبه كل من يأتي هنا...
وقف دياب أمامهم وتحدث بتهذيب مرحبا بهم واضعا أمام كل واحدة منهم القائمة الخاصة بالمقهى
انتهى من إعطاء كل واحدة القائمة ثم وقف جوارهم منتظرا طلبهم انزعجت واحدة منهم ورفعت عيناها الواسعة ذات الأهداب الكثيفة مردفة بتهكم شديد
-أنت هتفضل واقف كدة ولا إيه ما تيجي تقعد جمبنا احسن.
لم يستوعب بالبداية أنها تحدثه هو فقطب حاجبيه وأشار نحو نفسه
-حضرتك بتكلميني أنا يا فندم!.
-أنا مستني طلبات حضراتكم.
تمتمت ريناد بانزعاج واضح متأففة كعادتها
-طيب تقدر تمشي ولما نطلب أكيد هنادي على حضرتك المفروض تدينا وقت لو مش هنضايق جنابك.
حافظ على تعبيرات وجهه وابتسم لها مجبرا ثم تحرك مبتعدا عنهم كي يتركهم بمفردهم مثلما طلبت مقررا العودة إليهم بعد دقائق..
-حرام عليكي يا ريناد الولد وشه جاب ألوان وبعدين هو بيشوف شغله.
حركت كتفيها بلامبالاة قائلة
-وأنا عملتله إيه يعني أي مكان المفروض يدينا المنيو ويسيبنا نفكر وبعدين فكك فكك يلا شوفي هناخد إيه مش معقول هنفضل نتكلم عن حاجة ملهاش لازمة زي دي.
مرت دقائق جاء خلالها من جديد كي يدون طلبهم ويأتي به أملت عليه الفتيات طلباتهم ولم يرفع عيناه بأحدهم ثم غادر بانصياع وهو فقط يؤدي عمله.
-هو مش سموزي ولا إيه
استنكر كلماتها وقال بانفعال رغما عنه
-لا يا فندم سموزي زي ما حضرتك طلبتي.
احتجت ريناد البالغة من العمر واحد وعشرون عاما هاتفة وهي تهب من جلستها
-أنا كدابة يعني ولا إيه أنا طالبة سموزي مش عصير عادي وبعدين المفروض اقولك في مشكلة تغير ليا الاوردر علطول مش تقعد تجادلني إيه ده أنا اول مرة اشوف كدة بجد قلة ذوق مش طبيعية.
- هجيب لحضرتك غيره.
وضع باقي الطلبات الباردة أمام البقية فعلقت ريناد على حديثه بوقاحة
-أنت بتاخدني على قد عقلي ولا أيه! فين المسؤول هنا اللي مشغل حمير مبيفهموش وأغبية وانت قليل الذوق وأهلك معرفوش يربوك.
علقت أحدى صديقاتها على حديثها بحرج
-خلاص يا ريناد مهوا قالك هيجيب غيره في إيه!.
-ودي بقا علشان تكوني كملتي شكوتك وتكون محبوكة بالملي واهلي ربوني أكتر من أهلك اللي كسلوا يعلموكي الأدب....
تحول المكان إلى صراخات هسيتيرية وتجمع الجميع حولهما وكانت ريناد في حالة هياج غير طبيعية تسبه وتلعنه تصرخ مخبره أياه بأنها لن تتركه..
-مش عايزاه لو أخر راجل في الدنيا مش عايزاه واديته شبكته ونهينا الموضوع والمرة دي الكلام بجد وحقيقي أنا مش عايزة سلامة يا ماما لو حد كلمك قوليلهم اللي بقوله ده أن خلاص موضوعنا خلص ده لو حد أتكلم أساسا ده لما صدق أخد الشبكة وطار.
تتحدث بنبرة چنونية ومنفعلة تظن بأنها تبدو طبيعية لكن والدتها تنظر لها بقلق وجاءت من الداخل سلمى التي تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما..
غيرت ملابسها وأخذت حمامها وأتت من عملها منذ قليل وولجت إلى المطبخ تعبث في الأواني لتعرف ماذا صنعت والدتها لتغمغم بنبرة غاضبة هي الأخرى
-إيه يا ماما الدهن ده كله وايه الزيت ده كله طاجن اللحمة هينفجر من الدهون اللي جواه..
ردت عليها والدتها يسرا پغضب واضح
-هو ده اللي عندي أكل العيانين بتاعك ده أنا مبحبهوش اللحمة لو مش ملبسة كده متدخلش ذمتي ببصلة مش عاجبك ابقي اعملي أكل لنفسك.
هتفت سلمى وهي تعقد ساعديها پاختناق
-والله! كل ده علشان بقول نقلل دهون شوية علشان صحتنا لازم الكوليسترول يضرب في السماء وضغطنا يعلى..
قاطعت جهاد حوارهما بانزعاج جلي وهي تنظر لهما پغضب وغيظ
-أنتم عمالين تتكلموا في الزيت واللحمة وسايبين مشكلتي!.
سألتها سلمى پغضب فهي أتت لتوهها من صالة الألعاب الرياضية التي تعمل فبها كمدربة وتبذل بها مجهود شاق جدا وهي تشعر بالجوع الشديد وتعلم بأن مشاكل شقيقتها بالنسبة لها تبدو تافهة
-مشكلة إيه دي بقا ان شاء الله!.
غمغمت جهاد پغضب وبكت رغما عنها وهي تجيبها
-أنا وسلامة سيبنا بعض خلاص.
ضحكت سلمى مستهزئة وغاضبة
-والله الأكل أهم دلوقتي وبعدين يعني بټعيطي ليه أنت لسه محفظتيش ولا فهمتي علاقتكم! ده أنتم بتسيبوا بعض يوم الاتنين بترجعوا لبعض الخميس ده أنا لو مسمعتش أنكم مټخانقين في أسبوع بحس أن في حاجة غلط يومين كده وهتلاقيه جاي هو وابوه يرجعلك الشبكة.
رغم صحة حديث سلمى إلا أن جهاد لم تتقبله وهي تهتف پاختناق
-أنت علطول كده معندكيش ډم وبتتريقي على اللي بقوله على العموم براحتك وكلوا واشبعوا أنتم أنا مش هأكل ومحدش يدخل اوضتي ولا يجي ورايا عايزة أكون لوحدي.
أنهت حديثها ورحلت وفعلت ما أخبرتهما به وهنا تحدثت سلمى بنبرة جادة
-على فكرة أنا من بكرا هشتري اللحمة اللي أنا عايزاها صافية مفيهاش دهون وهطبخ لنفسي وهريحك مني.
هتفت يسرا بنبرة ساخرة
-ريحيني يا حبيبتي عقبال ما اختك هي كمان ميعجبهاش اكلي وتطبخوا وتغسلوا غسيلكم وتعملوا كل حاجة لنفسكم مدام لسانكم طويل كده وبعدين خفي على اختك شوية حتى لو اللي قولتيه هو الحقيقة اسمعيها وخلاص بتفضفض بكلمتين.
تمتمت سلمى وهي تجلس بجانب والدتها متحدثة بنبرة واضحة
-اصلي زهقت كل أسبوع تقلب الدنيا مناحة وټشتم فيه وتنشر غسيلهم قدامنا وتصالحه بعدها مينوبناش غير أننا بنشيل منه وبعدين كل خناقتهم عبيطة علشان هما عيال صغيرة وعمالين زي ناقر ونقير كأنهم توأم.
-الحب كده يا بنتي أنت بس اللي منشفة دماغك وقلبك.
قالت سلمى بلا مبالاة
-الحب مش كده ولا غيره ولو كده مش عايزاه وبعدين أنا عايزة أكل بعد المجهود ده لازم اكل بروتين مش اروح واكلة طاجن لحمة بالبصل يخليني أضرب.
ردت والدتها عليها وهي تلكزها بضيق
-من ساعة ما الدبلومة دي بدأت واحنا في النازل وبقيتي تدخلي في الأكل وتغيري طريقة أكلك وأنا مبحبش كده اللي اعمله يتأكل انت سامعة أنا مش باجي من الشغل علشان اطبخ اكل وميتأكلش.
-خلاص ياستي حاضر هأكلها مفيش أي اخبار من خالو بخصوص سفري!.
تحدثت يسرا بنبرة واضحة
-انا مش موافقة على اللي بتقوليه ده ازاي يا بنتي تتغربي وتبعدي عني! حتى لو هتكوني مع خالك ومراته برضو انا مش هكون مطمنة عليكي غير وأنت قصاد عيني.
ردت سلمى عليها بطريقة منطقية
-الفلوس هناك هتكون أحسن انا عماله ادرس يا امي واشوف كذا مجال علشان نحسن من مستوانا وكده كده بنتك هتتجوز هبقى ابعتلك تجيلي وخلاص.
غمغمت يسرا بنبرة عاطفية
-انا ولا أقدر ابعد عنك ولا ابعد عن اختك أنا قولت لخالك يبطل يدورلك ودبيت معاه خناقة الصبح..
قاطعتها سلمى بلوم
-ليه يا امي عملتي كده! هو في حد واقف جنبنا من ساعة ما جوزك سابنا غير خالو! ده لولاه ما كنا درسنا ولا عملنا أي حاجة حتى هو اللي بيبعت كل شوية فلوس علشان جهاز جهاد تروحي متخانقة معاه لأنه عايز يساعدني! هو أحنا لازم نعيش عمرنا كله عالة عليه هو برضو ظروفه مش احسن حاجة لكن بيحاول على قد ما يقدر.
رغم أن كلمات سلمى أوجعتها وبشدة وجعلتها تتذكر أشياء لا ترغب في تذكرها
-خالك فاهم أنا بتخانق معاه علشان خاېفة عليكي ومش عايزاكي تبعدي عني وبعدين ما أنت بتشتغلي هنا الفلوس اللي هتاخديها هناك هتكون العيشة أصعب وهتدفعيها في حاجات تانية أنا مش موافقة ولو عايزة تكسري كلمتي براحتك انت مبقتيش قاصر.
وكيف لها أن تفعل!
رغم أن علاقتها بوالدتها تشبه علاقة الاشقاء وطوال الوقت في جدال دائم على كثير من الأمور إلا أنها لا تستطيع الاستمرار في شيء لا يعجبها ولا تريده لا ترضى عنه مهما بلغت إرادتها به..
يسير دياب بانفعال وضيق شديد وهو ناقم من تلك الأيام والظروف هل كان ينقصه ترك العمل! هل كان ينقصه فتاة مثله هو لديه الكثير من الأقساط...
أمسك بهاتفه وقرر محادثه حبيبته وخطيبته ليلى لعلها تهدأ قلبه الثائر والقلق مما هو قادم جلس علي الرصيف لقد تعب من السير لتجب عليه بعد ثواني فهي طوال الوقت تحمل الهاتف بين يدها..
في البداية أخذ يسألها عن يومها كيف مر في جامعتها حتي أخد يتلو عليها ما حدث متوقعا منه أن تسانده أو تواسيه لكن ما حدث كان العكس تماما وهي تهتف بنبرة ساخرة
-يعني مش قادر تمسك نفسك يا دياب ما كنت سيبتها تقول اللي تقوله يعني.
صاح دياب بنبرة متشجنة
-بقولك شتمتني بأهلي ومسحت بكرامتي الأرض دي أقل حاجة كان ممكن أعملها معاها أصلا.
أردفت ليلي پغضب واضح
-اديك اترفضت هو كانت الشتيمة بتلزق يعني ده أحنا داخلين في ثلاث سنين مخطوبين يا دياب أنا تعبت ده ماما كل ما تشوف حد اتخطب أو اتجوز تسم بدني بسبب أنك مش عارف تخلص الشقة ده امي هطين عيشتي لو قولتلها أنك سيبت الشغل.
ردد دياب ساخرا ومندهشا مما تقوله فهي لم تفعل شيء لتقوم بتهدئه بل زادت من غضبه
-جرا إيه يا ليلي ما تهمدي وبراحة شوية يعني أنا بكلمك علشان اشكيلك همي وتهديني تقومي تردحيلي بدل ما تطايبي خاطري بكلمتين بتشيليني الهم.
حاولت ليلى تصليح موقفها متحدثة
-أنا مش قصدي حاجة و..
قاطعها دياب بنبرة صارمة وغاضبة فهي خذلته
-خلاص ولا قصدك ولا مقصدكيش سلام دلوقتي لما أروق هبقى أكلمك.
أغلق المكالمة ولم ينتظر ردها ثم أغلق الهاتف بأكمله عليه أن يفكر فيما يفعل الفترة القادمة وكيف يجد عمل بتلك السرعة...
انتهى يوم العزاء الثالث عاد إلى منزله الشقة الذي يقطن فيها مع ابنه عمه وزوجته وهو مرهق ومنهك إلى حد كبير يشعر بأنه أصبح عاريا منذ ۏفاة والده وكأنه هو من كان يغطيه يشعر بالبرد وكأنه هو من كان يبعث فيه الحرارة خائڤا لأنه كان هو من يبث به الطمأنينة...
ترك شقيقته الصغرى (حالات داون) في الفيلا الخاصة بعائلته ومعها المربية الخاصة بها ومعها شقيقها الآخر...
يحاول أن يفكر في أي شيء يريد الإبتعاد لمدة يوم واحد يحاول أن يعيد فيه تنظيم حياته وفقا لمسؤولياته الجديدة حتى أنفاس والده الأخيرة كان يخبره بألا يترك شقيقته يضعها أمانة له....
جواد هو الإبن الأكبر للدكتور والجراح الكبير عز الدين منصور وهو خليفته في المهنة يليه ابنه الأصغر الذي يعمل في مجال الهندسة الكهربائية في الصين متزوج ولديه ثلاثة أطفال ويعيش في الصين برفقة أسرته وأتى اليوم من السفر لم يستطع أن يأتي فور سماعه بالخبر بسبب ترتيبات السفر وسيعود بعد عدة أيام ويجلس في الفيلا مع شقيقته الصغرى نسمة التي ولدت حالة من حالات دوان تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما كانت أكثر حظا قليلا من الأشخاص الذي يعانون من حالتها هي استطاعت أن تستكمل دراستها بعد مجهود كبير بذلته والدها ووالدتها وتتمتع بذكاء كبير رغم بعض الانتكاسات الصحية التي تصاب بها...
كان والده يعطيه وصيته وهي الاهتمام بشقيقته لأنه يعلم بأن ابنه الأخر قد انتهت حياته هنا وأصبحت له حياة مختلفة لذلك كان يجب عليه وضعها أمانة إلى جواد...
جاءت رانيا من الخارج بعدما أخذت حمام دافئ تمسح به عناء الأيام الماضية في المستشفى وبعدها وجودها في منزل لا تحب التواجد فيه كثيرا غير أنه هناك جانب منها حزين جدا على ۏفاة عمها لن تنكر...
رانيا تبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما لديها علامة تجارية محلية خاصة بالملابس النسائية ولكنها مشهورة نوعا ما بدأتها منذ ثمانية سنوات بدعم زوجها وعمها...
-جواد مش يلا علشان نتعشى! أنا جهزت العشاء.
رد عليها رد باهت وهو مازال يرتدي ملابسه لم يبدلها بملابس منزلية
-مش جعان مليش نفس كلي أنت.
جاءت رانيا وجلست بجانبه
-أنا عارفة اللي أنت حاسس بيه وأنا اكتر واحدة ممكن احس بوجعك لأني مريت بيه قبل كده بس الحياة بتستمر وعمرها ما وقفت على حد بنفضل شايلين الۏجع في قلوبنا ومكملين...
هتف جواد وهو يهز رأسه بهدوء
-معاكي حق وعلشان كده أنا قاعد بفكر هعمل ايه الفترة الجاية في حياتي وهرتب دماغي ازاي.
ردت عليه رانيا بثقة وبنبرة جادة
-إدارة المستشفيات أنت قدها وقدود يا حبيبي وأنا متأكدة من ده ومعاك الدكتور اسماعيل عمو كان بيثق فيه اوي وعلشان كده أنا عايزاك تطمن أنك قد المسؤولية اللي أنت محطوط فيها.
نظر لها نظرات لم تفهمها ليغمغم بتوضيح
-اللي أنا بتكلم فيه يا رانيا أكيد مش المستشفيات وبس اكيد ده حمل تاني بس اللي بتكلم فيه هو نسمة اختي.
بهتت هنا ملامح رانيا تماما وهي تسمعه يستكمل حديثه
-أنا كنت عموما ناوي نتكلم في الموضوع ده الصبح بس مدام الكلام جاب بعضه أحنا هنروح نقعد في الفيلا مع نسمة.
عقبت رانيا باستنكار شديد
-إيه اللي بتقوله ده يا جواد!.
-بقول اللي سمعتيه مش محتاج تفسير دي أمانة بابا ليا ولازم أراعيها وأكون قد الإمانة زي ما حضرتك فكرتي في المستشفي كان أولى تفكري في اختي اللي هي بنت عمك مش غريبة عنك.
لوت فمها في تهكم وهي تجيب عليه بعضب مكتوم
-اللي عايز يراعي حد يزوره يبات معاه يومين في الاسبوع يعدي عليه ساعة بعد شغله لكن مش يروح هو ومراته يقعدوا معاه أنا مش موافقة اسيب بيتي وأمشي يا جواد إيه اللي يخليني أقلب حياتي كلها! واحنا في ايدينا نهتم بيها من غير كل ده..
قاطعها جواد بنبرة ساخرة
-على أساس أنك كنتي معتبراها عايشة معانا أصلا ولا كنتي مهتمة بيها علشان تعملي كده دلوقتي وبعدين يا رانيا أنا بخلص شغلي وش الفجر وساعات بيكون عندي عمليات بقعد لتاني يوم في المستشفى غير العيادة يعني يدوبك لما اخلص شغلي اروح اشوفها مش هيكون عندي وقت إني لسه امشي من هناك واجيلك البيت.
هتفت رانيا برفض قاطع
-قسم الاسبوع بيني وبينها اقعد مع